المساء
السيد العزاوى
الصدق والصبر الطريق لنجاة أهل الإيمان "2"
والحديث لا يزال مستمراً عن آثار الصدق والصبر في حياة أهل الإيمان ومن يلتزم الصدق في حياته ينل رضا رب العالمين ويصبح محبوباً بين الناس وسائر من يتعامل معه وقد كانت من بين الصفات التي امتلك بها سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم قلوب كل أهل أم القري حتي الذين لم يستجيبوا لدعوته صلي الله عليه وسلم صدق وتعامل بأخلاق كانت مثار حديث أهل مكة ولذلك أقبلوا عليه يتركون لديه أماناتهم وعقودهم لثقتهم فيه صلي الله عليه وسلم وقد تناولنا في الحلقة السابقة من هذا الحديث وأوضحنا الكثير من الجوانب المشرقة لاخلاق رسول الله صلي الله عليه وسلم وفي هذه السطور نتناول فضيلة الصبر وكل من يتحلي بها وقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم نموذجاً في الصبر وقوة الاحتمال "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً" [21 الأحزاب] فقد كان سيد الخلق صلي الله عليه وسلم يصبر علي أذي المشركين لدرجة أنه من كرم أخلاقه لم يدع علي أحد وكان قوله المأثور "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" فقد احتمل أذي أهل الطائف حينما لم يستجيبوا لدعوته وسلطوا عليه الأطفال والشباب لايذائه ومع ذلك كان يتجه إلي الله سائلاً لهؤلاء الهداية وحين جاءه أمين وحي السماء جبريل عليه السلام قائلاً له : إن الحق تبارك وتعالي أمرني بأن أطبق علي أهل مكة وما حولها هذين الجبلين المحيطين بها.
علي الفور رفض رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال لجبريل عليه السلام : دعهم يا أخي يا جبريل لعل الله يخرج من أصلابهم ذرية يعبدون الله وهنا قال جبريل عليه السلام : صدق من سماك الرءوف الرحيم وظل علي صبره ووفائه لأهله وعشيرته رغم إيذائهم له قولاً وعملاً ولا غرو فهو الذي أرسله ربه رحمة للعالمين وقد تجلي هذا الصبر وآثاره في يوم أن هاجر من مكة إلي المدينة المنورة فقد كان حرص الرسول صلي الله عليه وسلم شديداً في رد الأمانات إلي أصحابها الذين أودعوها لديه لأمانته وصدقه ورغم مكر أهل مكة وهؤلاء الشباب الذين قد تجمعوا أمام منزله لقتله لحظة خروجه من البيت إلا أنه صلي الله عليه وسلم لم يلتفت إلي كل هذه الألوان من الإيذاء والتحدي وأوصي ابن عمه علي بن أبي طالب حين تركه في فراشه في ليلة الهجرة وطالبه برد كل ما لديه من الأمانات لأصحابها. ولم يتأثر بكل ما لقيه من تعنت وصلف وغرور من هؤلاء. قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم نموذجاً لكل أهل الإيمان في الالتزام بالصبر لأن آثاره سوف تنعكس علي المؤمن فيشعر بالاطمئنان مدركاً أن الله سوف يعوضه أملاً وفرجاً وخروجاً من كل ضيق وصدق الله العظيم إذ يقول : واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا علي الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون" [45 : البقرة] تلك هي ثمار الصبر لايدركها إلا أهل الإيمان الذين يواجهون مختلف هموم الحياة ومشاكلها بصبر وقوة احتمال اقتداء بسيد الخلق محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم والسعي بكل قوة لاكتساب رضا رب العباد سبحانه وتعالي وتلك اسمي الغايات لديهم.
وقد تجلي صبر رسول الله صلي الله عليه وسلم بصورة لم يسبق لها مثيل في يوم استشهاد عمه حمزة بن عبدالمطلب المعروف بأسد الله فقد شاهده صلي الله عليه وسلم وقد مثلوا بجثته وحاولت هند بنت عقبة المشركة بعنف وتجرد من الإنسانية أن تتناول كبد الشهيد لكنها لم تستطع لكن الرسول صلي الله عليه وسلم قال معبراً عن صفات هذا الشهيد البطل : رحمة الله عليك. ان كنت ما علمتك إلا وصولا للرحم. فعولا للخيرات. والله لولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتي يحشرك الله من بطون السباع. أما والله علي ذلك لامثلن بسبعين كمثلتك لكن جبريل نزل بهذه الآيات الكريمات "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. وأصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولاتك في ضيق مما يمكرون. ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" [النحل : 136 ــ 138].
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف