المصرى اليوم
ياسر أيوب
لماذا أحبت مصر كرة القدم؟
أعرف وأحفظ كل هذا الكلام المكرر والمعاد، وكل تلك النصائح المجانية للاعبى الأهلى والمصرى بالمحافظة على صورة مصر الرياضية الجميلة وهم يلعبون مساء اليوم فى مدينة العين بالإمارات بطولة كأس السوبر.. ولن أكرر كلاما أو أوجه نصائح لأى أحد هنا أو هناك.. وسأكتفى فقط بأن أحكى للجماهير قبل اللاعبين وللإعلاميين قبل المسؤولين عن كرة القدم فى بلادنا.. وكيف أننا كنا من شعوب العالم القليلة جدا التى نجحت فى أن تحيل كرة القدم من مجرد لعبة إلى وسيلة للتضامن والتفاهم وصنع السلام والمحافظة على الحياة والحب والأمل.. وليس هذا درساً فى الإنشاء.. إنما هو نتائج دراسات عديدة أمريكية وأوروبية.. أكاديمية وتاريخية واجتماعية، تناولت علاقة المصريين بكرة القدم حين تعلموا لعبها وحبها وعاشوا معها وبها طيلة سنين احتلال بلادهم.. فكرة القدم فى مصر اهتم بها الناس لأسباب سياسية وعاطفية لا علاقة لها بالكرة نفسها، كما أكد ذلك الباحث الأكاديمى بيل موراى فى كتابه بعنوان «لعبة العالم».. وفى كتابهما بعنوان «ثقافة كرة القدم» أكد أرمسترونج وجوليانوتى أن كرة القدم كانت فى مصر عجلة الكبرياء الثقافى والتضامن القومى والاجتماعى.. وإذا كان بيتر ألليجى أستاذ التاريخ فى جامعة ميتشيجان الأمريكية قد أكد أن الكرة كانت للمصريين وسيلة حقيقية للتماسك والترابط.. فإن شون لوبيز، أستاذ التاريخ بجامعة واشنطن، كان أحد أكثر أساتذة التاريخ توقفا وتمهلا أمام كرة القدم وكل معانيها فى مصر لمواجهة الإنجليز.. وبعد طول بحث ودراسة أدرك شون لوبيز أن كرة القدم كانت فى مصر رمزا للمقاومة المصرية، ووسيلة المصريين الحقيقية للتمسك بالهوية المصرية.. واتفق شون لوبيز فى ذلك مع ديفيد جولد بلات، الباحث الكبير فى كتابه الشهير والمهم جدا بعنوان «الكرة مستديرة».. وأكد الاثنان أنه إذا كانت التجربة الكروية المصرية لمواجهة الاحتلال الإنجليزى تشبه إلى حد ما تجارب شعوب أخرى استعمرها الإنجليز، إلا أن التجربة المصرية تبقى مختلفة فى كثير من ملامحها وتفاصيلها، حتى إنه يمكن اعتبارها تجربة فريدة فى العالم والتاريخ وشديدة الاستثناء والخصوصية.. ولست أريد الإطالة فيما قاله غرباء وأجانب وباحثون كثيرون عن الكرة فى بلادنا وحياتنا.. لكننى فى المقابل لا أريد أيضا أن يضيع منا كل ذلك وتتحول اللعبة الجميلة إلى سلاح للقبح والكراهية بدلا من الخير والحب.. اللعبة التى وحدتنا وجمعت بيننا كثيرا وطويلا وفى أصعب وأقسى الظروف والأوقات وزمن الهوان والحرب والاحتلال.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف