الوطن
د. محمود خليل
اللحظة «الحرجة» والانتخابات «المحرجة»
الهيئة الوطنية للانتخابات أعلنت جدول انتخابات رئيس مصر «2018». التقدم للترشح سيتم خلال 10 أيام تبدأ يوم 20 وتنتهى يوم 29 يناير، ومطلوب ممن ينتوى الترشح أن يحصل على تزكية من 20 من أعضاء مجلس النواب، أو تزكية 25 ألف مواطن يتوزّعون على 15 من المحافظات المصرية على الأقل، وهو أمر أظن أنه شديد الصعوبة بالنسبة إلى كل الأسماء التى أفصحت فى ما سبق عن نيتها خوض الانتخابات، بما فى ذلك المحامى خالد على. فمن الصعب أن يحصل على تزكية من 20 عضواً من نواب المجلس الموقر، والأصعب أن يحصل على تزكية من 25 ألف مواطن. وللعلم يشترط قانون الانتخابات أن تتم التزكية على استمارة تُصدرها الهيئة الوطنية للانتخابات، نتحدث اليوم وقد مر 10 أيام من يناير، وبالتالى لن يكون أمام من يريد الترشّح سوى أسبوعين على أقصى تقدير لكى يقوم بجمع الـ25 ألف توكيل.

إذا أضفنا إلى ما سبق أن الفريق أحمد شفيق أعلن رسمياً عدم ترشحه قبل 24 ساعة فقط من إعلان اللجنة جدول الانتخابات، فبإمكاننا أن نخلص إلى نتيجة ملخصها أن الانتخابات الرئاسية المقبلة قد تقتصر على مرشح واحد. ينص قانون الانتخابات الصادر عام 2014 على أن «يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى لو تقدّم للترشح مرشح وحيد، أو لم يبقَ سواه بسبب تنازل باقى المرشحين، وفى هذه الحالة يعلن فوزه إن حصل على 5% من إجمالى عدد الناخبين المقيّدة أسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين». هل يمكن أن نواجه هذه الحالة، فتجرى انتخابات الرئاسة 2018 على مرشح واحد؟ يقيناً سيكون هذا المرشح هو الرئيس عبدالفتاح السيسى، واحتمالاً هناك مؤشرات كثيرة تُدلّل على أن الانتخابات المقبلة يمكن أن تخرج على هذا النحو، لتطبّق عليها قاعدة «الـ5%». اللهم إلا إذا فوجئنا بمرشح من علوم الله يخرج علينا وقد أعدّ جميع الأوراق والتزكيات المطلوبة وتقدّم للترشّح والمنافسة الشكلية.

الواقع يقول بعدم وجود منافس حقيقى للرئيس السيسى، فمن ناحية لم يتمكن أى شخص من تكوين جبهة منافسة قادرة على طرح بديل، خلال السنوات الماضية، لأسباب مختلفة، يعلمها الجميع. ومن ناحية أخرى أخشى أن يكون هناك أطراف داخل دولاب الدولة تميل إلى إخراج مشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة على هذا النحو. وجه الخشية يرتبط بوجود حالة من الاتفاق حول توقّع انخفاض نسبة المشاركة فى الانتخابات المقبلة بين المتابعين للشأن السياسى المصرى، ومؤكد أن «واحدية المرشح» سوف تؤدى إلى تدنى هذه النسبة بصورة غير مسبوقة، حتى من جانب المؤيدين للرئيس، فأغلبهم سيكون على ثقة من أمرين: أولهما فوزه فى الانتخابات، وثانيهما أن الأمر لا يحتاج إلا لمشاركة 5% من الناخبين فقط، وبالتالى لا حاجة إلى النزول، لنجد فى النهاية بالفعل أن الانتخابات تمت بنسبة شديدة التدنى. وهو أمر سيُحرج النظام السياسى بشدة، محلياً وعالمياً. لا خلاف أن الانتخابات المقبلة تتم فى لحظة حرجة من تاريخنا، لكن ذلك لا ينهض كمبرر لإخراج مشهد الانتخابات على هذا النحو «المحرج».

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف