لم تفلح محاولات محامي الرئيس الأمريكي ترامب لمنع نشر كتاب »نار وغضب»‬، وإنما - علي العكس - جعلته في بؤرة الاهتمام وأدخلته قائمة الكتب الأكثر توزيعا، بعد أن أسرع ناشرو الكتاب بطرحه قبل الموعد المحدد بأيام.
الكتاب الذي ألفه الصحفي »‬مايكل وولف» يتناول أسرار ما يجري داخل البيت الأبيض في ظل حكم »‬ترامب»، ويستند - كما يقول مؤلفه - إلي لقاءات مع 200 شخصية منها الرئيس وكبار مساعديه.. وبغض النظر عن الحكايات العديدة والمثيرة التي يزخر بها الكتاب عن ترامب وبأركان إدارته، وعن أسراره العائلية.. فإن أخطر ما يذهب إليه الكتاب هو أن ترامب ليس مؤهلا لتولي رئاسة الولايات المتحدة، وليس قادرا - من الناحية العقلية - علي القيام بمسئوليات هذا المنصب الخطير!!
واللافت هنا أن اهتمام ترامب ومحاميه انصب من البداية علي مصدر واحد من المصادر التي استند إليها مؤلف الكتاب، وأعلنوا أنهم سيتخذون الإجراءات القانونية ضد »‬ستيف بانون» قائد الحملة الانتخابية لترامب في المرحلة الحاسمة التي قادته إلي البيت الأبيض، ليعين بعد ذلك كبيرا للمستشارين الاستراتيجيين لترامب قبل أن يختلف الرجلان، ويترك »‬بانون» موقعه القريب من الرئيس الأمريكي.
ويبدو أن »‬ترامب» يدرك أن »‬بانون» هو المحرك الرئيسي وراء صدور هذا الكتاب، وهو يدرك أن لدي الرجل كل أسرار المعركة الانتخابية الرئاسية وكل المفاتيح التي تحرك ترامب قبل وبعد توليه الرئاسة. وإن كان »‬بانون» مازال مقيدا بشروط عمله في البيت الأبيض التي تفرض عليه ألا يكشف »‬معلومات سرية» تمس الأمن الوطني أو تضر بالدولة أو الرئاسة.
وبعيدا عن العوامل الشخصية في صدام الرجلين »‬ترامب وبانون» فإن الصدام يعني الكثير بالنسبة للأوضاع السياسية في أمريكا في عام خطير داخليا حيث تدور الانتخابات التشريعية المهمة خلال هذا العام والتي قد يفقد فيها الحزب الجمهوري غالبيته في الكونجرس فيتحول »‬ترامب» إلي رئيس بلا نفوذ إن بقي في موقعه، أو إلي رئيس سابق إذا أصبح مصيره في يد كونجرس ديموقراطي!!
أهمية »‬بانون» أنه كان مهندس تقديم »‬ترامب» إلي اليمين المتعصب الذي ناصره في الانتخابات، والذي مازال يؤيده ضد الحملات الداخلية التي يواجهها. انشقاق »‬بانون» وحملته الشرسة علي ترامب وإدارته وعائلته تضرب مصداقيته لدي هذه الكتلة الحاسمة في تقرير مصيره ومصير الحزب الجمهوري في الانتخابات التشريعية القريبة.
في آخر تغريداته، يرد »‬ترامب» علي ما قيل عن عدم أهليته لحكم أمريكا فيؤكد: »‬أنا عبقري وراجح العقل جدا.. لكن هذا بالطبع لا يكفي لكي يطفئ »‬النار» ويحاصر »‬الغضب»!!