المساء
عبد المنعم السلمونى
مظاهرات إيران .. إلي أين!
لاشك في أن ما يحدث في إيران يهم المنطقة بأكملها. إن لم يكن يؤثر فيها وتؤثر فيه! ولعل ما حدث وترتب علي ثورة الخوميني عام 1979 خير دليل علي ما تمثله إيران بالنسبة للمنطقة والعالم. وما تمثله المنطقة والعالم بالنسبة لإيران. خصوصاً في ظل الهيمنة الأمريكية علي مجريات الأحداث في كوكبنا.
لقد عاد الخميني من منفاه بباريس إلي إيران في أول فبراير من العام السابق ذكره. حيث أطاحت المظاهرات بالشاه. وتم إجباره علي مغادرة البلاد قبلها بأسبوعين. ومن المفارقات ان تأتي المظاهرات الحالية بالتزامن مع ذكري خروج الشاه.
لكن لم يكد يمر عام 1980. أي بعد عام واحد علي ثورة الخميني. حتي اندلعت حرب الخليح الأولي بين العراق وإيران. وكان المحرك الحقيقي لهذه الحرب هو أمريكا. التي حرضت حكام المنطقة ضد "الثورة الإسلامية" في إيران وخوفتهم من وصول "المد الثوري" إلي بلادهم والإطاحة بعروشهم مثل الشاه.
من هنا جري الدفع بصدام لخوض الحرب. التي قدرت تكلفتها بحوالي 183 مليار دولار بأسعار ذلك الوقت. ذهب معظمها لأمريكا والغرب ثمنا لأسلحة اشترتها دول الخليج لصدام. بخلاف ما خلفته الحرب من دمار وخسائر في الأرواح!
كان لابد من هذه المقدمة. لبيان مدي تأثير وتأثر المنطقة بما يحدث في إيران. وبالتالي فهم بعض ما يجري حالياً.
المرشد الأعلي آية الله علي خامنئي قال "إن أعداء إيران وحدوا جهودهم لتدمير الحكومة". ولاشك في أنه يقصد الولايات المتحدة والدول الخليجية التي تخوض ضدها إيران حرباً بالوكالة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق. وتقف ضدها أيضاً في الخصومة مع قطر.
وقال خامنئي ان العدو ينتظر فرصة وجود ثغرة ينفذ من خلالها. وان "كل من يقفون ضد الجمهورية الإسلامية وحدوا قواهم لإثارة الاضطرابات".
أما عن الموقف الأمريكي فقد أعلن البيت الأبيض تأييده للمحتجين حيث دون الرئيس دونالد ترامب تغريدة علي تويتر. قال فيها: أخيراً تحرك الشعب الإيراني ضد النظام الوحشي الفاسد". ووعدت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض. سارة ساندرز "بعدم الجلوس في صمت". وقالت للصحفيين: "لقد تعب الناس من تحمل عبء فساد وعنف حكامهم. وأمريكا تنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يحتل فيه الشعب الإيراني مكانته المناسبة بين الشعوب الحرة".
وكان آخر مواقف الإدارة الأمريكية الدعوة لجلسة طارئة لمجلس الأمن حول ما يجري في إيران.
والاحتجاجات التي بدأت بمدينة مشهد شمال شرق البلاد. تصاعدت لتصبح أكبر انتفاضة منذ الاحتجاجات التي شهدتها البلاد عقب انتخابات 2009. التي جاءت بالرئيس محمود احمدي نجاد. المنتمي للجناح المتشدد.
ويري بعض المحللين ان الاحتجاجات الحالية. التي راح ضحيتها أكثر من 20 قتيلاً. تختلف من نواح عديدة عما حدث في 2009.
ومن نواحي الاختلاف. ان الانتفاضة الأخيرة وان لم تكن بحجم نظيرتها في 2009 - كان المحرك الأصلي لها تردي الأحوال الاقتصادية تحت رئاسة حسن روحاني. الذي وعد بأن الصفقة النووية التي أبرمها مع أوباما في 2015 ستؤدي لتحسين معدلات التنمية.
لكن البطالة ظلت مرتفعة منذ موافقة أمريكا علي تخفيف العقوبات ضد إيران. ولم يشهد الإيرانيون التحسن الاقتصادي الموعود.
بدأت المظاهرات بالاحتجاج علي الوضع الاقتصادي. لكنها تصاعدت لتشمل قضايا أكثر شمولاً. منها التنديد بالتدخل في اليمن ولبنان وسوريا والعراق. وجذبت المحتجين. ليس فقط من المدن الكبري. بل من حوالي 70 مدينة وبلدة.
ويري بعض المراقبين أنه يمكن للحكومة ان تقمع الاحتجاجات. ولكن قد تندلع الاحتجاجات من جديد إذا فشلت الحكومة في معالجة المشاكل.
لكن هل تقف الدول المحيطة بإيران موقف المتفرج. أم تعتقد انها في مأمن من عدوي المظاهرات الإيرانية. رغم التراجع الاقتصادي وفرض ضرائب جديدة. بعد تدني أسعار البترول. وانخفاض إيرادات الذهب الأسود؟ وما الذي سيترتب علي الدعوة الأمريكية لاجتماع طارئ لمجلس الأمن؟
وإلي أين ينتهي المطاف بهذه المظاهرات؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف