الوطن
د. محمود خليل
رئيس مصر 2018
أعلن المستشار محمود حلمى الشريف، المتحدث الرسمى باسم الهيئة الوطنية للانتخابات، أن الهيئة ستعلن الجدول الزمنى لانتخابات الرئاسة يوم الاثنين المقبل.. نقطة!. تعلم أن انتخابات «رئيس مصر 2018» سوف تنطلق فعالياتها فبراير المقبل، ورغم قرب موعد المصريين مع الحدث المهم، فإن الملاحظ أن الكثيرين لا يبدون الاهتمام المطلوب به.. والسؤال: لماذا؟.

فى تقديرى أنه لا توجد غرابة فى انخفاض سقف اهتمام المصريين بانتخابات الرئاسة المقبلة، فحتى هذه اللحظة لا يعرف أحد من سيترشح فيها. الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يعلن ذلك بشكل صريح، والفريق أحمد شفيق يوشك أن يتراجع عما سبق وأعلنه من خوض الانتخابات، رغم تأكيده السابق عن عقده العزم على المنافسة فيها، والمحامى خالد على أعلن -عبر مؤتمر صحفى- عن مجموعة من الشروط لخوض الانتخابات المقبلة، من بينها إلغاء حالة الطوارئ خلال أشهر الانتخابات، وحيادية مؤسسات الدولة، وغير ذلك من شروط يعلم قبل غيره أن من الصعوبة بمكان تفعيلها فى ظل الأجواء الحالية التى تمر بها البلاد، ولست أدرى هل يربط مسألة ترشحه بالاستجابة لهذه الشروط أم لا؟. نظرياً لا يعلم الشعب حتى الآن الأسماء التى سوف تخوض الانتخابات المقبلة، وإن كان الجميع يتفق على أن الرئيس «السيسى» سيكون عملياً الاسم الأبرز فيها.

غابت السياسة وحضر الاقتصاد، ذلك سبب مهم للغاية من أسباب اللامبالاة التى يتعامل بها الشعب مع حدث الانتخابات الرئاسية. بعد ثورة 25 يناير ارتفع سقف الاهتمامات السياسية لدى المصريين بصورة ملحوظة، وتوازى معه زيادة ملحوظة فى حجم التفاعل والمشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية. وقد بدأ هذا الاهتمام فى التراجع بعد انتخابات الرئاسة (2014)، فبعد هذا العام بدأت الحكومة خطتها فى الإصلاح الاقتصادى، وتدفقت قرارات خفض الدعم عن الوقود والمياه والكهرباء والغاز، ثم كان قرار تعويم الجنيه أمام الدولار، وما أعقبه من زيادات فلكية فى الأسعار، وارتفاع سماوى فى معدلات التضخم. الشغل الشاغل للكثير من المصريين -خلال الشهور الأخيرة- هو كيفية التواؤم والتكيف مع الغلاء الذى ضرب شتى مناحى حياتهم. نعم توجهت الكثير من الوفورات المالية التى خلفتها خطة الإصلاح إلى مشروعات بنائية مهمة، لكن المواطن البسيط لا يكترث كثيراً بالمشروعات التى تصب فى المستقبل، لأنه يحيا بمعادلة «احيينى النهاردة وموتنى بكرة». الضغوط الاقتصادية التى يعيشها المصريون تصرفهم عن الاهتمام بموضوع الانتخابات، بل وعن كل ما هو سياسة. ولو أنك استرجعت حوارات المصريين أواخر العام المنصرم، فستجد أن سؤال العام الجديد (2018) بالنسبة لهم لم يكن سؤال «الانتخابات الرئاسية»، بل سؤال عن السلع التى سوف ترتفع أسعارها من جديد خلال الأشهر المقبلة، وهل سيكون الرفع قبل الانتخابات أم بعدها؟.

الغارق فى مشاكله الاقتصادية والمعيشية لا يعرف السياسة ولا يهتم بها. وانخفاض معدلات الاهتمام بالسياسة سيكون له مردود سلبى على حجم المشاركة فى الاستحقاق الانتخابى المقبل. وذلك ما يشغل بصورة أو بأخرى الأطراف ذات الصلة بالانتخابات المقبلة. قد يقول قائل إن الانتخابات سوف تتم، مهما كان حجم المشاركة، وسوف تفضى إلى اختيار من يحكم مصر خلال السنوات الأربع المقبلة، وهو كلام صحيح، لكن سيظل حجم المشاركة فيها مؤشراً مهماً على موقف الشعب من القادم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف