الأهرام
احمد عبد التواب
المواجهة الفكرية ضرورية.. ولكن!
بأمل أن تتبدَّد الأوهام التى يُعلِّقها كثيرون على ما يظنون أنه قدرة فائقة للمواجهة الفكرية فى القضاء التام على الإرهاب، فإن هذه المواجهة عجزت عن هذه المهمة فى الدول الغربية التى يقوم فيها المجتمع كله بأحسن مواجهة ممكنة بأفضل الإمكانيات التى تحققت فى زماننا اعتماداً على أحدث نتائج العلم وعلى إحدى وسائل الإعلام والاتصال والإقناع. ولكنهم، وحتى الآن، لا يزالون يعانون من عمليات إرهابية مباغتة من بعض مواطنيهم الذين يتمكنون من ابتكار أساليب إرهابية صارت تنأى عن السلاح الذى يتعذر عليهم حيازته ويستخدمون أدوات مدنية من المستحيل أن توضع ضوابط على استخدامها، مثل سيارات الركوب العادية التى يوظفونها فى دهس المارّة الأبرياء..إلخ.

والحقيقة أن بعض المتحمسين لدينا لإعجاز المواجهة الفكرية، والذين يسفهون من جدوى الاعتماد على احتياطات الأمن، لا يقدمون طرحاً عملياً يمكن الاسترشاد به لتحقيق دعوتهم: هل يظنون مثلاً أن المواجهة الفكرية يمكن أن تكون مثمرة الآن فى ردع أو إيقاف أى إرهابى مُقْدِم على جريمة فى كنيسة أو فى أى مكان آخر، مهما تكن الكفاءة الفكرية لمن يقومون بهذه المواجهة؟!

التصدّى الأمنى مسئولية الحكومة يجب محاسبتها إذا تقاعست عنه، أو إذا تردَّدت لحظة واحدة لأى سبب، خاصة أمام ابتزاز من يثرثرون بحقوق الإنسان فيما يخصّ الضمانات التى يطالبون بتوفيرها للإرهابيين ولا يكترثون بحقوق الأبرياء ضحايا الإرهاب! فى حين أن كل متابع يرى بوضوح أن الدول الغربية لم تعد حريصة على القبض على الإرهابيين وإخضاعهم للمحاكمات، وإنما بدأت تلجأ إلى قتلهم فى موقع الجريمة! وأما المواجهة الفكرية فإن للحكومة دوراً محدوداً فى منظومة متكاملة تعبر عن مسئولية تضامنية من جهات متعددة فى المجتمع.

المواجهة الفكرية ضرورية، مع الانتباه إلى أن أثرها الواقعى لا الخيالى يأتى بعد زمن طويل من العمل الجاد، ليس التعليم سوى أحد عناصره، كما أن أقصى ممكناتها لا يحقق القضاء التام على الإرهاب وإنما تقليل معتقديه وحصر دوائره وقصر مداه. ولا فكاك، فى كل الأحوال، من أن تمارس الدولة أقصى قوة ممكنة ضد كل من يرفع السلاح خارج القانون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف