المساء
السيد العزاوى
الكلم الطيب - في رحاب المهاجرين والأنصار بطولات وحب وإيثار
ونحن علي أعتاب عام ميلاد جديد يسعدني أن أضع أمام أبناء العالم العربي والإسلامي خاصة أجيال هذه الأيام جانباً من بطولات هؤلاء الرجال الذين أفنوا حياتهم بجانب سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم يقدمون أرواحهم في سبيل الله ويبادرون بالتبرع بأموالهم لا يبتغون بها سوي وجه الحق تبارك وتعالي.. وقد سجلت كتب السيرة النبوية وتراجم هؤلاء الرجال من المهاجرين والأنصار صورا مشرقة ينبثق النور من كل جوانبها.. سماحة في التعامل ووسطية الدين الحنيف .
لقد جاءت آيات القرآن الكريم تسجل وتضع أمام سائر البشر في كل زمان ومكان بطولات هؤلاء الرجال وتفانيهم في سبيل دعوة يقول ربنا في سورة الحشر: "للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانا وينصرون الله ور
سوله أولئك هم الصادقون والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" "8 و9 سورة الحشر" صفات تمتع بها هؤلاء المهاجرون والأنصار ومن أصدق من الله حديثاً ان ربنا الذي يعلم ما تكنه النفوس والصدور يضع أمامنا جميعاً هذه الأعمال والصفات والبطولات وهو أعلم بما خلق. فهنيئاً لأولئك الرجال الرعيل الأول في بناء مجتمع قائده سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم به جوانب مشرقة وثناء رب العالمين انما يعبر عما يدور في وجدان هؤلاء الرجال وتجرد من كل صفات الشح البشرية.
وعندما نستعرض بعض الجوانب الطيبة ونضع أمام أجيال هذه الأيام تجرد هؤلاء من النوازع النفسية ويقدمون أموالهم بكل نفس راضية في سبيل لا يريدون شيئاً سوي رضا رب العالمين.. فها هو الصديق أبوبكر رضي الله عنه حينما كانت هناك مساهمة هؤلاء الرجال لإقامة الصروح الإسلامية واعداد الجيوش التي تتولي الدفاع عن النفس وتقوي الله تملأ القلوب وعندما وجه الرسول الدعوة للمساهمة في هذه المجالات سارع أبوبكر الصديق وقدم كل ماله طواعية لله ورسوله وفي هذه اللحظات سأله رسول الله صلي الله عليه وسلم: وماذا أبقيت لعيالك يا أبابكر؟
أجاب قائلاً بكل سماحة النفس: أبقيت لهم الله ورسوله تهلل وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم فرحا وفي سورة "الليل" اشارة لهذا السلوك الطيب "فأما من أعطي واتقي وصدق بالحسني فسنيسره لليسري وأما من بخل واستغني وكذب بالحسني فسنيسره للعسري وما يغني عنه ماله إذا تردي إن علينا للهدي وان لنا للآخرة والأولي فأنذرتكم نارا تلظي لا يصلاها إلا الأشقي الذي كذب وتولي وسيجنبها الأتقي الذي يؤتي ماله يتزكي وما لأحد عنده من نعمة تجزي إلا ابتغاء وجه ربه الأعلي ولسوف يرضي" إنها آيات سورة كريمة تضع أمامنا جميعا صورة ناصعة لصنفين من الناس أحدهما شحيح. أما الثاني فالجود أهم صفاته دون أي مظهر من المظاهر سواء الفخر أو غيره وان ما يقدمه من مال أو غيره فإنه لا يبتغي سوي وجه ربه الأعلي.. وهذه الصفات تنطبق بحق في جانب سيدنا أبوبكر رضي الله عنه حين قال لرسول الله صلي الله عليه وسلم مجيباً لسؤال "أبقيت لهم الله ورسوله" وهناك صحابي آخر وقف ضده المشركون بمكة ومنعوه من الخروج مهاجرا ليلحق برسول الله صلي الله عليه وسلم في المدينة المنورة صدوه بكل قوة وقالوا له: لقد أتيتنا صعلوكا وبعد أن حققت الثراء تريد أن تترك أم القري وتهاجر كلا وألف كلا. أمام هذا الموقف المتعنت أخذ الرجل يفكر في حيلة كي يخرج من مكة مهاجرا وأخيراً هداه تفكيره إلي حيلة لعلها تنقذه من هؤلاء ويتمتع بشرف الهجرة في سبيل الله. علي الفور عرض علي كفار مكة أن يتنازل لهم عن كل أمواله وتجارته مقابل أن يسمحوا له بالخروج والهجرة للانضمام إلي من سبقه من المهاجرين فاستجابوا علي الفور وتركوه كي يخرج مهاجراً إلي الله ورسوله وقد سجل القرآن الكريم هذا الموقف في قوله سبحانه: "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد" 207 البقرة. فهل نستلهم هذه الصفات وتلك المواقف في حياتنا نستضيء بها ونربي أجيالنا في رحاب هؤلاء وصفاتهم الطيبة.. هدانا الله جميعاً سواء السبيل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف