الأخبار
د.محمد مختار جمعه
قضية ورأي - المال والإعلام
المال والإعلام من أهم ركائز القوة في بناء المجتمعات والدول، فالمال عصب الحياة وقوامها، وإحدي أهم ركائز القوة فيها، فإعداد الجيوش يحتاج إلي مال واقتصاد قوي، وتوفير الأمن للمجتمعات يحتاج إلي اقتصاد قوي، والتعليم الجيد يحتاج إلي اقتصاد قوي، وتوفير الخدمات الصحية المتميزة يحتاج إلي اقتصاد، وكذلك توفير المسكن الملائم، والبنية التحتية من مياه وكهرباء وطرق وخلافه.
ومن ثمة فإن القوة الاقتصادية في عالم اليوم لا تقل أهمية عن القوة العسكرية، فكما أن الاقتصاد في حاجة إلي قوة تحميه، فإن القوة العسكرية تتطلب اقتصادًا قويًّا لبنائها واستمراريتها وتطويرها وتحديثها، لذا حث الإسلام علي العمل والإنتاج وبذل الجهد، حيث يقول الحق سبحانه: »فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ»‬، ويقول سبحانه: »‬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَي ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» ، ويقول نبينا (صلي الله عليه وسلم): »‬مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ »‬عَلَيْهِ السَّلاَمُ» كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ»، ويقول (صلي الله عليه وسلم): »‬إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّي يَغْرِسَهَا فَليغرسها»، ولما رأي (صلي الله عليه وسلم) أحد الناس يسأل الصدقة قال له (عليه الصلاة والسلام): »‬(أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَي، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ، قَالَ: ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللهِ (صلي الله عليه وسلم) بِيَدِهِ، وَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَي دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَي أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ، فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللهِ (صلي الله عليه وسلم) عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ، وَلاَ أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، فَاشْتَرَي بِبَعْضِهَا ثَوْبًا، وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلي الله عليه وسلم): هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لِثَلاَثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ».
أما الإعلام فإلي جانب كونه صناعة فإن له دورًا لا يمكن إغفاله سواء في بناء الدول ودعم وتحفيز اقتصادها، أم في تعميق الانتماء الوطني لدي أبنائها، أم في اتخاذه وسيلة لهدم الدول أو إفشالها أو إضعافها وزلزلة كياناتها ، فالإعلام الوطني يبني، والإعلام العميل يهدم، فإذا امتلكت الدولة اقتصادًا قويًّا وإعلاميًّا وطنيًّا واعيًّا، وحدت صفها، وحمت أمنها واستقرارها، وكانت شوكة قوية في حلوق أعدائها.
ومن ثمة تسعي كثير من الدول إما إلي إنشاء كيانات إعلامية قوية، أو شراء مساحات إعلامية واسعة، أو استقطاب إعلاميين وكتاب يدينون لها بالولاء ويتحركون في الساحات التي تريدها، حتي خارج حدودها للدفاع عن مصالحها، وربما للنكاية في أعدائها وخصومها.
ومع أننا لا نمارس غير السياسة النظيفة، ولا نستطيع أن نمارس غيرها، ولا يمكن أن نبتز للخروج علي قيمنا الراقية، فلا نغدر، ولا نخون، ولا نطعن في الظهور، ولا نمارس أساليب نخجل منها، ولا نتدخل في شئون أحد، فإننا إنما نعول علي إعلام وطني يعي عظم المسئولية، وحجم المخاطر والتحديات، ونعول علي كتاب ومثقفين وطنيين بحق، يؤثرون مصلحة الوطن علي الدنيا وما فيها، مؤكدين ومتأكدين أن مصر بخير وستظل بخير بفضل الله (عز وجل)، ثم بفضل أبنائها المخلصين في كل المجالات، ولا سيما في مجالي المال والإعلام، ففي جانب المال يجب أن يظهر معدن هذا الشعب العظيم في التراحم والتكافل ولا سيما في أوقات الكروب والنوازل والشدائد، وفي مجال الإعلام يجب أن نعمل معًا علي تعميق روح الولاء والانتماء ووحدة الصف الوطني في مواجهة التطرف والإرهاب من جهة، والمخاطر والتحديات من جهة أخري، وثقتنا في هذا الشعب العظيم: في قياداته، ومفكريه، ومثقفيه، وإعلامييه، ورجال أعماله كبير وأملنا فيهم أكبر، وستظل مصر عظيمة بأبنائها كل أبنائها ولن تضام أبدًا بإذن الله تعالي.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف