الوطن
ناجح ابراهيم
وصايا الوداع بين.. محمد والمسيح
- أهم لحظة فى حياة أى رسول هى التى يودع فيها أصحابه مثل خطبة الوداع بالنسبة لمحمد وموعظة الجبل بالنسبة للمسيح «عليهما الصلاة والسلام».

- فقد اجتمع للرسول «صلى الله عليه وسلم» فى حجة الوداع مد البصر من أصحابه، فسعد برؤية ثمرة كفاحه وجهده، اجتمعوا إليه طائعين محبين بعد أن عادوه وحاربوه طويلاً، قال: استنصت الناس يا جرير، فأنصتت الدنيا كلها لكلمات النبى التى سيودع بها أصحابه والدنيا كلها بعد أن ملأها نوراً وضياءً ورحمةً فقال لهم: اسمعوا قولى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا بهذا الموقف أبداً.

- أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، فى شهركم هذا، فى بلدكم هذا.

- ألا إن كل شىء من أمر الجاهلية تحت قدمى موضوع، فأسقط دماء وربا وكبر وغطرسة الجاهلية وأول ربا أسقطه ربا عمه العباس.

- أيها الناس: إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكنه رضى أن يطاع فيما سوى ذلك فاحذروه على دينكم.

- اتقوا الله فى النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم.. فروجهن بكلمة الله، إن لكم عليهن حقاً ولهن عليكم حقاً وشرح بعض هذه الحقوق.

- أيها الناس اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشى مجدع أى «مقطع الأطراف وهذا مجاز» ما أقام فيكم كتاب الله.

- وأوصى بالخدم ومن تحت أيديهم قائلاً: أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ولا تعذبوهم.

- لا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه.

- لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.

- تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبداً «كتاب الله وسنتى».

- ألا فليبلغ الشاهد الغائب، إنكم ستسألون عنى فماذا أنتم قائلون، فارتفعت أصواتهم بالبكاء والهتاف: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.. فاطمأن الحبيب إلى شهادة أصحابه فرفع أصبعه إلى السماء قائلاً: اللهم فاشهد، ثلاث مرات، هكذا ودع النبى محمد أمته والدنيا كلها.

- أما عيسى عليه السلام فتعد موعظة الجبل هى أعظم وأجمل مواعظه وكأنه يودع حوارييه وأحبابه مثلما فعل الرسول فى خطبة الوداع.

- وقد بدأ المسيح موعظة الجبل بالبشرى والتطويب لأصناف معينه عدها فى بداية موعظته منها على سبيل المثال: طوبى للمساكين والحزانى والودعاء والجياع والعطاشى إلى البر والرحماء ولأنقياء القلب وللمطرودين من أجل البر.

- ثم أردف قائلاً: لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء بل لأكمله وأتمه.

- قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل، ومن قتل يكون مستوجباً الحكم، وأما أنا فأقول: إن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجباً الحكم.

- قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تزن وأما أنا فأقول لكم إن من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها فى قلبه.

- سمعتم أنه قيل للقدماء لا تحنث بل أوف للرب أقسامك، وأما أنا فأقول لكم: لا تحلفوا البتة لا بالسماء ولا بالأرض ولا بأورشليم وليكن كلامك: نعم.. نعم، لا.. لا، وما زاد على ذلك فهو من الشرير يقصد الشيطان.

- سمعتم أنه قيل: عين بعين وسن بسن، وأما أنا فأقول: لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء كله، ومن سخرك ميلاً فاذهب معه اثنين، ومن سألك فأعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده.

- سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك، وأما أنا فأقول: أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم، وأحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم.

- طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون.

- أنتم ملح الأرض ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح، ووصايا المسيح هذه كلها تصب فى درجة الإحسان وهى موجودة فى القرآن أيضاً مثل قوله تعالى «فاصفح الصفح الجميل»، «فاعف عنهم واصفح».

- ترى لو عمل الناس بمثل هذه الوصايا الجامعة والمودعة هل يبقى شقى فى الأرض أو مظلوم أو محروم أو مضطهد، أو كانت هذه الصراعات المدمرة على الدنيا فأين نحن جميعاً من وصايا ومواعظ محمد فى خطبة الوداع، والمسيح فى موعظة الجبل «عليهما السلام».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف