السيد العزاوى
الكلم الطيب - العمل الصالح طوق النجاة للمؤمن في الدنيا والآخرة
من فضل الله علي العباد أن جعل العمل من أفضل الصفات التي يتمتع بها أي إنسان في هذه الحياة ولذلك نجد آيات القرآن الكريم قد قرنت الإيمان بالعمل لأن المؤمن حقا هو الذي يمضي في هذا الطريق امتثالاً لأوامر الله سبحانه وتعالي ففي أكثر من سورة في الكتاب العظيم يوضح الله سبحانه وتعالي هذه الحقائق ففي سورة البقرة يقول ربنا: "وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الأنهار" 25 البقرة وفي سورة الكهف "ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا" وفي نفس السورة يقول الحق تبارك وتعالي "ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً خالدين فيها لا يبغون عنها حولا" آيات متعددة تضع أمام العبد المؤمن بالله واليوم الآخر القواعد والأسس التي يجب أن يلتزم بها وان العمل هو طوق النجاة في الدنيا والآخرة. ففي النور يؤكد ربنا ان هؤلاء المؤمنين العاملين المجتهدين هم الأجدر بتولي شئون الحياة في هذه الأرض نحيا فوقها "وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" 55 النور.
وفي سورة الأنبياء يقول ربنا موضحا معالم الطريق "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون" 105 الأنبياء ومن قبل في سورة الكهف يقول ربنا مخاطبا سيد الخلق محمدا صلي الله عليه وسلم باعتبار ان هذه الآيات قد نزلت عليه والخطاب كذلك من قبل لسائر الأنبياء وعباد الله الصالحين "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي انما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا" 110 الكهف.
تلك هي المعالم التي يجب أن تمتلك وجدان كل عبد يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وقد نبه رسول الله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم إلي هذه الحقائق وكان صلي الله عليه وسلم في مقدمة العالمين ومن أقواله صلي الله عليه وسلم "اني لأخشاكم لله وأتقاكم" والعمل في مقدمة التزاماتي وأصدر تعليماته لأهله وأقاربه وكل المحيطين والمؤمنين برسالته "ألا تؤتونني بالأقوال" ويعرض أقرب الناس إلي قلبه وفلذة كبده السيدة فاطمة الزهراء: اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا. أمور واضحة لكل ذي عينين خاصة في هذا العصر الذي امتلك فيه الانسان ناصية التطور التكنولوجي إذ لا بديل عن العمل فهو الذي يحفظ الإنسان في حياته وحتي بعد أن يغادر هذه الحياة وقد كان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم يتقدم كل أصحابه في العمل ومما يؤكد هذه الحقيقة انه صلي الله عليه وسلم خرج مع أصحابه في أحد الأيام وعندما حان وقت الغداء وتباري أصحابه في التحضير لهذه الوجبة اليومية الرئيسية. فقال أحدهم: سوف أحضر الشاة والثاني تعهد بذبحها وإعدادها وتغاضي الجميع عن رسول الله تقديراً وتكريما لشخصه الكريم لكنه لم يقبل ذلك وقال: "وأنا علي جمع الحطب لطهي هذه الوجبة" والرسول صلي الله عليه وسلم بهذا الاسلوب وضع الحقائق أمام أبناء أمته صلي الله عليه وسلم ان العمل في مقدمة الأولويات التي يجب أن يلتزم بها العبد المسلم المؤمن بالله ورسوله.. والعمل هو طوق النجاة للإنسان المؤمن بالله حقاً في الدنيا وفي الآخرة. فهو الجدير بالخلافة في أرض الله سبحانه وهو الجدير أيضاً بأن يمده الله بأنوار من عنده فيكسبه علماً يتمتع به عن الآخرين فيحكي لنا في سورة الكهف عن سيدنا موسي حين التقي بعبد من عباد الله الصالحين أتاه الله علماً لدرجة ان سيدنا موسي عليه الصلاة والسلام طلب مرافقته كي يتعلم من هذا العبد الصالح حقائق واضحة علي المؤمن أن يمضي في هذا الطريق لأنه نجاة في هذه الحياة وطمأنينة للصالحين في حياتهم وحتي بعد مماتهم وفي آيات القرآن بسورة الكهف أيضاً تأتي الآيات لتوضح ذلك حين يغادر الإنسان هذه الحياة ففي رحلة سيدنا موسي مع العبد الصالح "الخضر عليه السلام" وجدا في قرية أبي أهلها أن يستضيفوا موسي والعبد الصالح بينما كان هناك جدار في هذه القرية آيل للسقوط وعندما طلب الخضر من نبي الله موسي أن يشاركه في إقامة هذا الجدار قال له: ان هذا يتطلب أجراً لكن هذا الجدار كان خاصا بطفلين يتيمين في هذه القرية "وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك" هكذا يتأكد لدي الجميع ان العمل الصالح هو طوق النجاة للعبد المؤمن في الدنيا وصيانة في الآخرة وصيانة كذلك لذريته من بعده. هدانا الله جميعاً إلي الطريق المستقيم والإكثار من العمل الصالح والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم.