الوفد
عزة أحمد هيكل
«البابا اعتذر.. متى نعتذر؟»
في عام 2000 بدأ البابا الراحل بولس الثاني في سلسلة من الاعتذارات وطلب العفو والمغفرة من البشر ومن الله بدأ البابا بالاعتذار لليهود وللنساء وللأرثوذكس وللطوائف والمذاهب المسيحية ثم في عام 2004 اعتذر البابا عن التاريخ الأسود للحروب الصليبية والتي أدت إلي موت وخراب ودماء خاصة في مصر وسوريا وفلسطين... اعتذر البابا عن تاريخ كنيسته الكاثوليكية أمام أكثر من 300 مليون مسيحي في عظة وخطبة بداية الألفية الثالثة، ألا تستدعي أن يبدأ الأزهر الشريف أكبر وأعظم وأعرق قبلة علمية للدين الإسلامي الوسطي السمح العظيم دين البشرية ودين الرحمة والإنسانية ودين العقل والفكر الدين الذي دخله واعتنقه أهل مصر المحروسة لأنهم وجدوا فيه الانسانية والمساواة والعدل هربوا من طاغوت الرومان الذين استغلوا الدين أسوأ استغلال وخلطوا الدين بالحكم والمال والسلطة وفرقوا ووضعوا الناس طبقات إلي أن جاء الإسلام فاعتنقه المصريون بلا إرهاب ولا سلاح ولا سيوف ولا ترويع ولا ضغط... لذا ظلت الكنائس المصرية قائمة وظلت الآثار شامخة وظلت معابد اليهود موجودة... حتي أن حفيدة الرسول (صلي الله عليه وسلم) السيدة زينب أخت الحسن والحسين مع السيدة سكينة وعلي زين العابدين أبناء الحسين رحمه الله عليه قد اختارت أرض الكنانة المحروسة مصر أم الدنيا بعد مقتل الحسين عام 680 هجرية أي بعد حوالي 48 عاماً علي وفاة الرسول... في ذلك الوقت مصر لم تكن قد أصبحت بحكم السنين دولة معظم أهلها من المسلمين من عام 819 هجرية دخل عمرو بن العاص مصر... أربعون عاماً من الإسلام في مصر وتختار السيدة زينب مصر لتستقر فيها لأن أهلها وناسها متسامحون لا يعرفون عصبية القبائل التي أودت بحياة أخيها وأهلها.
من هذا المنطلق لماذا لا تبدأ مرحلة جديدة في الخطاب الديني والفكر الإسلامي تعتمد علي فكرة الاعتذار وطلب السماح والمغفرة لما قد يكون خطأ بشري في الفتوي وفي التفسير وفي الحروب التي قد أدت إلي خراب أو دمار أو دماء ثقافة الاعتذار هي قمة القوة والاستقلال والمنطق الأكاديمي والبحث العلمي الذي يشرح ويعرف الأشياء والظواهر والأسماء تعريفاً علمياً دقيقاً في جمل وسطور واضحة خاصةً إذا كنا نخاطب العامة والبسطاء... ومن هنا نبدأ تعريف كلمة «خوارج» كما نعرف كلمة «إرهابي» وإن كانت إرهابي كلمة سياسية بينما خوارج كلمة عربية إسلامية تحتاج إلي اجتهاد حقيقي من شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية في سطور صحيحة سليمة مباشرة بسيطة... ثم نبدأ تعريف كلمة «كافر» بذات المنهاج العلمي الصحيح القويم يكفي نص قرآني وحديث نبوي صحيح يؤكدان المعني والتعريف ودون الدخول في العنعنة والتفاسير وآراء الفقهاء، لأن ذلك مكانه ساحات العلم وقاعات الدرس وصفحات الأبحاث والرسائل العلمية للحصول علي الشهادات والألقاب، لكن مخاطبة البشر البسطاء تحتاج إلي أسلوب سهل ومباشر فيصل للجميع، كما وصل الدين الإسلامي والقرآن الكريم لأهل مصر منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام واللغة مختلفة والعادات والتقاليد والفكر والثقافة والأخطر العقيدة مختلفة ومع هذا وصل ودخل القلوب والعقول دين الإسلام ورسول الإنسانية.. لم يحتج إلي تفاسير ودراسة واجتهاد وفتاوي وموازنات ومذاهب وملل وإنما كلمة صادقة، ففعل إنساني حول مصر من دولة مسيحية في معظم سكانها إلي دولة إسلامية بغالبية أهلها... مع الاحتفاظ بالدين المسيحي وحرية العقيدة وكذلك التاريخ الفرعوني والروماني واليوناني والقبطي.
نعتذر ونطلب المغفرة والعفو من البشر ومن الله لما اقترفه السفهاء ممن يدعون الإسلام ونخاطب العالم والمغيبين والعامة بخطاب إنساني روحاني علمي يشرح في بساطة وقوة تعريف الخوارج وتعريف الكافر... وحينها نكون قد بدأنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف