المصرى اليوم
جيلان جبر
بين الأزمة اللبنانية والتشكيلة الإقليمية
الحقيقة وبدون رتوش- تعلمناها من التجارب والأزمات- أن لبنان الصغير الذى يحمل التنوع الكبير يشكل صندوق البريد الذى توضع فيه رسائل النزاعات والصراعات لهذه المنطقة فى الشرق الأوسط، لذلك صعدت على السطح الضغوط السياسية والاختراقات الأمنية التى تمت، من خلال عدد من الأطراف الإيرانية تحمل من الأدوات المسلحة أو الاقتصادية أو السياسية ما سمح لها بالتورط فى عمليات إرهابية فى عدد من الدول العربية ولعمليات لغسيل الأموال أو التعامل مع البنوك اللبنانية بجانب الاختراقات السياسية فى كتل محددة للهجوم على السعودية إعلاميا وإضعاف مستمر وتشويهٍ للهوية اللبنانية.. كل ذلك جزء من واقع لا مجال لإخفائه فى الأزمة اللبنانية التى أدت إلى استقالة الحريرى، التى لها توابع لبداية ترسيم النفوذ والتشكيل السياسى فى المنطقة من جديد.

فلن يتم التشكيل للحكومة الجديدة بدون مشاركة من حزب الله، مهما كانت شروط ومخاوف ومطالبات الدول العربية، وحتى بعد التصريحات، والمواجهة المعلنة من الجامعة العربية.

ولن يقبل الحريرى أن يكون شاهدا على التغير فى التوجهات اللبنانية العربية وتحويلها للوجهة الفارسية، وتهديد الدول العربية والهجوم من خلال توطؤ أطراف أيا كانوا حوثيين أو متطرفين، فهولاء مواطنون، ولاؤهم أصبح لإيران، وليس لأوطانهم العربية.

فالتحدى والمواجهة فى القدرة على إعادة تصويب البوصلة العربية وتوجهاتها الاستراتيجية وفق مصالحها الإقليمية والدولية، ومن يقف ضد مصلحة إيران وتركيا وإسرائيل.. فهل ستنجح القيادات العربية بعد الاجتماع فى الصمود؟! حزب الله جزء من المشهد اللبنانى والنسيج المذهبى لا شك، ولكن.. وجب الفصل بين سلاح المقاومة الذى أعطى له الحق فى الشرعية الدولية أن يتواجد، لكن ضد الاعتداء والاحتلال الإسرائيلى وبين تهديد الدولة التى تحتضنه، مهما كانت تضحياته، أم أنه سلاح فقط يمثل موالىَ لإيران، كما يعلن دائما، والذى يهدد الاستقرار فى لبنان والمنطقة العربية، كلما أرادت التمدد فى نفوذها؟!

نحن فى مرحلة سياسية جديدة جعلت دخول الطرف الفرنسى على الخط، والتشاور والتفاعل مع وجهة النظر المصرية، والتنسيق مع السعودية، والتحاور مع فرنسا، والإدارة الأمريكية- ضرورة، وكذلك الإصرار على الحفاظ على التهدئة لأن قرار الحرب العسكرية مرفوض من كل الأطراف حتى من إسرائيل، فهناك رغبة فى ضرورة خلق حالة من الاستقرار الأمنى فى هذه المرحلة بالذات التى تشهد عددا من التسويات، والحرب ستكون دبلوماسية وسياسية ومخابراتية فقط.. هذا هو الهامش المتاح والمطلوب.

فهل ستصل هذه المباحثات لصيغة تسهل التفاوض، وتسهم فى فك خيوط هذه الأزمة إو التأسيس لخطة النفوذ الدولية والإقليمية؟!

كل هذه التحركات أمام غيبوبة من البعض بسبب أحداث جانبية ودفاع عن تمدد الفجور السياسى لحلفاء إيران للهجوم على السعودية التى تتحمل مر الصبر على الإرهاب والتهديدات بصواريخ آخرها ما تم توجيهه على مطار العاصمة فى الرياض! وعدم النظر إلى المصالح العربية التى تتطلب فى الضرورة الحفاظ على هذا الجسد العربى الذى يشكل الجيش المصرى، وقدرة الاقتصاد السعودى، فهما أهم الأدوات التى تؤمّن الحماية للمفوضات والاتفاقات على تسويات سياسية قادمة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف