فيتو
أحمد ابراهيم
حافظوا على ماسبيرو!
أنا شخصيا من أشد المتحمسين للقطاع الخاص، وأطالب دائما بأن تتخلى الدولة عن كثير من مهامها وتكتفي بدورها في التنظيم والرقابة وحماية محدودي الدخل، وضمان حرية المنافسة ومنع الاحتكار، وتفسح المجال للقطاع الخاص للقيام بدور أكبر في كل المجالات تحت إشرافها ورقابتها الصارمة.

وهذا الكلام ينطبق أيضا على الإعلام وهو ما حدث بالفعل في السنوات الأخيرة، حيث فتحت الدولة الباب على مصراعيه للقطاع الخاص للاستثمار في الإعلام، وأصبح لدينا عشرات القنوات والصحف الخاصة لا أحد يستطيع إنكار دورها في كل الأحداث السياسية التي شهدتها مصر في السنوات الأخيرة، حيث أتاحت مساحة أكبر لحرية الرأي والتعبير ورفع درجة الوعي لدى المواطنين.

أنا مع تشجيع الدولة للإعلام الخاص، ومع احتفاظها بملكية بعض قنوات وإذاعات ماسبيرو وتدعيمها، حتى لا تترك الساحة للقنوات الخاصة فقط، لأن وقت الأزمات الإعلام الرسمي هو السند.

حاليا ماسبيرو قد يكون مريضا ولكنه لا يجب أن يموت أو نطلق عليه رصاصة الرحمة، فعلاج مشاكله أسهل بكثير من هدمه، فلديه الكوادر والإمكانيات التي يصعب تعويضها، واعتقد أن هذه الكوادر أثبتت تميزها خلال المنتدى العالمي للشباب، وفي كل الأحداث المهمة التي تشهدها البلاد يكون شباب ماسبيرو على قدر المسئولية.. يجب أن تعترف الدولة بفشل قنوات بديل ماسبيرو في جذب المشاهدين ورغم المليارات التي أُنفقت عليها، إلا أنها لم تستطع التأثير في الشارع بل قد تكون سببا في دفع المواطنين إلى متابعة القنوات المعادية لمصر، والخوف أن يتم هدم ماسبيرو لصالح هذه القنوات، وبالتالي تصبح الدولة بلا إعلام نهائيا، وتخسر أهم أسلحتها في معارك البناء والتنمية ومكافحة الإرهاب.

المواطن ما زال يثق في تليفزيون الدولة الرسمي، وكذلك الإذاعة المصرية، كما أن فوضى القنوات الخاصة أثبتت مدى الحاجة إلى ضرورة الحفاظ على ماسبيرو، وكان آخرها البلبة التي تسببت فيها بعض هذه القنوات أثناء حادث الواحات الأخير، كما أن كثير من أزماتنا الخارجية (الدبلوماسية) سببها عدم مهنية إعلاميي الفضائيات الخاصة.

الرئيس خلال منتدى الشباب أفصح عن عزم الدولة على إطلاق قناة جديدة تخاطب العالم، واتمنى بدلا من الإنفاق على قناة جديدة أن يتم تدعيم قناتي النيل للأخبار والنيل الدولية، لأنهما مؤهلتان للقيام بهذه المهمة، وقد لا يعلم الرئيس أن معظم نجوم القنوات الفضائية الخاصة (التقديم والإعداد والهندسة والإخراج) هم أبناء قناة النيل للأخبار، ومازالوا على قوتها، ويحجزون وظائفهم ويعملون في قنوات منافسة بالمخالفة للقانون، ولا تستطيع القناة تعيين بدلا منهم.

لو عاد هؤلاء مع قليل من الدعم المادي، ومساحة حرية، فلن يكون هناك منافسا لقناتي النيل الدولية والأخبار، وسوف تحقق أحلام الرئيس في صوت إعلامي مصري قوي يخاطب العالم.. أزمة ماسبيرو الحقيقية هي الاهتمام بالشكل على حساب المضمون، فهناك أكثر من 1000 ساعة إرسال يومي إذاعي وتليفزيوني يجب تخفيضها إلى النصف على الأقل، مع إلغاء قنوات وإذاعات، وبالاهتمام بالمضمون سوف ينهض ماسبيرو سريعا وينافس ويكون درع الدولة وسيفها الإعلامي، أما هدمه سوف تكون نتائجه الكارثية على البلد.. اللهم قد أبلغت، واحفظ مصر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف