بوابة الشروق
عماد الدين حسين
مربط الفرس بين الحكومة والشباب
«أكبر تحد فى تقديرى هو كيفية التواصل مع شباب مصر، والتفاهم معه.. ونقوله له احنا شايفينه ومعاك وبيك وعشانك»..
هذا الكلام ليس كلامى، وليس كلام أحد المعارضين للحكومة، لكنه كلام الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال مداخلته فى جلسة «التجربة المصرية فى صناعة المستقبل» فى منتدى الشباب العالمى ظهر يوم الاثنين الماضى.
إذا كان هذا رأى أكبر رأس فى السلطة التنفيذية، فإن التساؤل الذى يتبادر إلى ذهن أى شخص هو: وما الذى يؤخر أو يعيق أو يعرقل اقتراب الدولة من الشباب بصورة صحيحة؟!.
فى نفس يوم تصريحات الرئيس داخل هذه الجلسة كان يجرى حوار مع الأستاذ غسان شربل رئيس تحرير جريدة «الشرق الأوسط» قال فيه: «الشباب طموح.. وآمل وأرجو أن يفهم الجميع مقصدى فى هذا الأمر».
قال الرئيس أيضا: «لدينا حرص دائم على اللقاء مع الشباب والاستماع إلى آرائهم وتطلعاتهم وهواجسهم والتحاور معهم» لكن أهم ما قاله الرئيس من وجهة نظرى خلال الحوار مع «الشرق الأوسط» هو: «عدم التواصل مع الشباب، كان أحد أهم أسباب الثورات التى حصلت فى مصر وسوريا وليبيا، وبناء الجسور معهم مهم وضرورة لإشراكهم فى التنمية وإبعادهم عن التطرف وتمكينهم من لعب دور فى صناعة الازدهار والاستقرار».
مرة أخرى إذا كانت تلك هذه قناعة رئيس الدولة وفهمه لقضية الشباب ومشكلتهم، فما الذى يمنع وضع حلول عملية وصحيحة لها؟!
قبل الدخول فى التفاصيل، فإن فهمى المتواضع لأزمة الشباب، لا تعنى أنهم فقط أولئك الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعى، أو تعيين أعداد محدودة فى مناصب مساعدين لهذا الوزير أو ذاك المحافظ، أو دعوتهم لهذا المؤتمر أو تلك الاحتفالية. ما أقصده بالشباب هو أن يكون هناك أمل للملايين منهم فى القرى والنجوع والبنادر والمراكز والمدن. وأن يتوقف تفكيرهم فى الهجرة سواء فى قوارب الموت عبر البحر، أو الرهان على منحة دراسية فى هذه الجامعة الأجنبية أو تلك، أو الحلم الدائم بتأشيرة هجرة نهائية من السفارات،خصوصا الغربية.
حل مشكلة الشباب، أن توفر الحكومة المناخ والبيئة وكل الظروف من أجل أن ينهمك معظم الـ٦٩ مليون مصرى تحت سن الـ٣٥ فى التعليم والتعلم والعمل والإنتاج والتألق داخل وطنهم.
مرة أخرى ماذا فعلت الدولة كى تخلق الأمل لهؤلاء الشباب؟!
هناك نوايا طيبة لا شك لدى الحكومة والرئاسة والعديد من الهيئات والأجهزة المختلفة فى هذا الصدد، لكن الأمر أكبر بكثير من مجرد النوايا الطيبة. الأمر أكبر أيضا من توسيع مشاركة الشباب فى المؤتمرات الشبابية أو برامج تأهيلهم التابعة للرئاسة. كلها نوايا طيبة، لكنها ستظل محدودة بالنظر إلى أن هناك مئات الملايين فى سن الشباب، ويحلمون بحياة كريمة ومستقبل أفضل.
البداية الحقيقية لحل مشاكل الشباب أن نتفق على أن ذلك لن يتم إلا فى وجود تصور شامل، يتضمن رؤية الدولة العامة، ولمن سوف تنحاز اجتماعيا، للفقراء والمعدمين فقط، أم لكبار الأغنياء، أم للطبقة الوسطى، أم لخليط من كل هذا وذاك.
هذا هو الأساس وبعده تجىء الإجراءات والآليات التى تقوم بتنفيذ وتطبيق هذا التصور العام على أرض الواقع، بمعنى، من الذى سوف يتحمل عبء فاتورة الإصلاح الاقتصادى، ومن الذى سيدفع النسبة الأكبر من الضرائب؟!!.
مربط الفرس من وجهة نظرى أن تنشط الدولة أكثر فى تحصيل الضرائب من الجميع كل حسب دخله، خصوصا القادرين ومن دون تفرق أو تهرب، وأن توجه هذه الحصيلة لتعليم متطور وشبكة صحية فاعلة. هذا هو الأساس وبعده يمكن أن نتحدث فى أى تفاصيل.
مرة أخرى جيد أن تهتم الحكومة بالشباب وأن تدرك أن هناك مشكلة، وأن تحاول تشخيص هذه المشكلة وتبحث عن سبل حلها، وأن يتحدث رئيس الجمهورية بهذا الوضوح. لكن الأكثر جودة أيضا أن نضع يدنا على لب المشكلة، لأنها هى الأخطر على الإطلاق.. أخطر من مشكلة الفقر ومن مشكلة التطرف. أن يفقد الشباب الأمل فى الغد فهذا هو الأسوأ على الإطلاق، نسأل الله أن يهدينا سبل التواصل الصحيح مع الشباب، حتى ننطلق إلى المستقبل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف