الوطن
رامى جلال عامر
PLP
كانت المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة، أحد سبل الجمهورية الفرنسية لإعادة بناء نفسها بعد الحرب العالمية الثانية.. تأهلت فيها الكوادر لتولى المناصب المدنية العليا.. تخرج فيها أربعة رؤساء جمهورية لفرنسا، وستة رؤساء حكومات.. ودرست بها شخصيات أجنبية مرموقة مثل الرئيس المصرى السابق «عدلى منصور».. فى مصر، يمكن لتجربة البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب (PLP)، بالكثير من المجهود والاهتمام، أن تنحو منحى مدرسة الإدارة فى فرنسا، وقد تشرفت وسعدت بالتدريس لدفعة أولى منه، ولى عشر ملاحظات قد تكون مفيدة:

1- لا يمكن اكتساب القيادة فى قاعة الدرس أصلاً، وبالتالى فاسم البرنامج به مشكلة، ومن الأدق والأفضل أن يكون اسمه «برنامج تأهيل الشباب للإدارة»، وليس للقيادة، والفرق بينهما كبير؛ فالإدارة عملية ميكانيكية يمكن تعلم أصولها وقواعدها (مثل: التنظيم، والتوجيه، والمتابعة، والرقابة)، أما القيادة فهى قدرات ذاتية وموهبة من عند الله (مثل: الذكاء، قوة الشخصية، النشاط، التضحية، وغيرها الكثير).

2- المنهج الدراسى الذى يُقدم لطُلاب البرنامج، وأسماء من يدرسون لهم غير معروفة بدقة للتيار العام، وهذا يلف الضباب على كفاءة البرنامج ذاته، ويجعل الحكم على مستواه غير علمى فى كل الأحوال.

3- نتيجة تراكمات لسنوات طويلة، فإن الجماهير تفترض دوماً سوء النية، وتظن أن هذا البرنامج سياسى يهدف إلى زرع كوادر فى مفاصل الدولة (وكأن هذا غريب).. لاحظ هنا ببساطة أن هدف البرنامج الأساسى والمُعلن هو خلق كوادر مصرية إدارية مؤهلة، وليس صناعة جواسيس أجانب.

4- إن كان الغرض بالفعل هو توزيع الشباب على المناصب، مثل الوزير أو المحافظ، فهى مناصب سياسية بالأساس، تحتاج لمن مارس السياسة بجانب قدراته القيادية والإدارية، وهذا خلل يجب إصلاحه.

5- الأصل فى هذه الفئة العمرية أن توضع فى أماكن ذات مسئوليات محدودة كمعاونين ومساعدين ووكلاء، ومنها يكتسبون الخبرات السياسية اللازمة لتصدر المشهد مستقبلاً.

6- المغالاة فى مغازلة بعض الشباب ونوال رضاهم على حساب الكفاءة والجودة ستؤدى إلى تفشى حالة من عدم رضا الغالبية العظمى من الشباب لغياب المعيار وظهور شيطان «إشمعنى».

7- التمكين هو إعطاء المزيد من المسئوليات والصلاحيات لشخص مؤهل، وإطلاق يده فى الإبداع والتفكير، لإحداث قدر من التغيير.. أما التسكين فهو شكل دون مضمون، وهو مُسكن إعلامى يضر أكثر مما يفيد.. والجميل الآن أننا بدأنا فى خطوات تمكين حقيقية، بعد أن كنا نكتفى بالتسكين فحسب، والوضع يسير فى تحسن بطىء.

8- شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب هم قطاع عريض من فئة الشباب المصرى، بها كل الفئات والنوعيات، ولذلك، وبطبيعة الحال، منهم نماذج عظيمة جديرة بالتشجيع والتطوير، المهم أن يتم باستمرار ووعى وهدوء تقويم أية نماذج قد تُصدر شكلاً غير مرغوب به.

9- مجرد وجود الشخص فى البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب لا يجب أن يكون ذلك ميزة أو صفة، كأن يتم تعريفه للمجال العام كـ«عضو البرنامج الرئاسى»، أو أن يتم استثناؤه قانوناً من أمر ما. فالبرنامج لا هو منصب، ولا هو حزب سياسى أو نقابة أو مفوضية أو أى شىء أكثر من تدريب يرعاه السيد رئيس الجمهورية.. وهناك برامج مصرية شبيهة وربما تكون أفضل تقنياً.

10- يحتاج البرنامج إلى خطة مُحكمة وعلمية لتعريف الناس به وتوعيتهم بدوره المهم والتعريف بالنماذج الجيدة.. وتقديم البرنامج كونه أداة تطوير وليس إحدى أذرع النظام السياسية، لأن فى هذا ظلماً للبرنامج الذى يتقدم، وإجحافاً للنظام الذى يجتهد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف