المصريون
محمود سلطان
ما قبل وما بعد نجيب ساويرس!
لا أدري ما إذا كان ثمة علاقة بين حزب "المصريين الأحرار" الذي تأسس عقب ثورة يناير 2011، وحزب "الأحرار الدستوريين"، والذي تأسس عام 1922.. ويبدو لي أن لا علاقة بينهما إلا في تقارب الاسمين، وفي المرجعية الليبرالية.


الحزب القديم، كان يضم نخبةً من نجوم الفكر والثقافة والسياسة، ومع ذلك لم يحظَ بأية شعبية، وهُزم هزيمة فضائحية، أمام "الوفد" في انتخابات عام 1923، ولا ندري ما إذا كان ذلك بسبب تحالفه مع القصر وعلاقاته المستفزة مع الإنجليز.. فهو في الأصل مثل مشروع لـ"الانتهازية السياسية" المعادية للمشروع الوطني الذي تجسد في رمزية سعد زغلول.


الحزب تم إحياؤه من جديد، بعد ثورة يناير، ثم اختفى تمامًا ولم نعد نسمع عنه شيئًا.. ثم ظهر حزب "المصريين الأحرار"، وبدا للبعض وكأنه في رمزيته وريث للحزب القديم.


"المصريين الأحرار"، عُلقت عليه آمال كبيرة، بعد 30 يونيو، في إعادة تشكيل النظام السياسي المصري، محررًا من الفاشيتين الأمنية والدينية.. وظل للحزب وهجه إلى أن وقع الانقلاب الداخلي على مؤسسه الأول المهندس نجيب ساويرس، والذي كان فيما يبدو مصدر قلق للقوى الجديدة التي قفزت إلى السلطة عقب الإطاحة بنظام حكم الإخوان المسلمين.


الإطاحة بـ"ساويرس"، كانت منعطفًا دالاً، على ذروة الانكسار، الذي أوغل في مسيرة آمال التحول إلى نظام حكم مدني ديمقراطي في مصر.. واستسلام القوى السياسية الصلبة للتهديدات التي تلقتها بشكل أو بآخر، حال استعصت على الكسر أمام عصا الدولة الغليظة، التي اعتمدت أسلوب التعامل بالقطعة مع شركائها في ترتيبات الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي.


القيادة الجديدة التي حلت محل "ساويرس"، تلخص في أجندتها، ما يريده النظام من الأحزاب: أحزاب داعمة للرئيس، وليست منافسة له، وفي إطار تعزيز غلق المجال العام بالضبة والمفتاح، وليتحول الكل إلى صدى للباب العالي.


في حواره يوم أمس الأول 3/10/2017، في "اليوم السابع"، قال عصام خليل، رئيس الحزب: "الرئيس بيصحى الفجر وبيشتغل لنص الليل وهو مش عايز حاجة من البلد.. ونستعد لحملة موسعة لدعم «السيسى» بداية ديسمبر!".
ولم ينسَ "خليل" التأكيد على تأييده لغلق ما تبقى من منافذ للتنفيس، حين قال: "تشريعات ضبط السوشيال ميديا لا تتنافى مع الليبرالية!!".


المشهد في محصلته النهائية، يؤكد أن الأحزاب الحالية، لم يعد دورها المنافسة على مقاعد البرلمان أو على المقعد الرئاسي.. وإنما تحولت فعليًا لتكون جزءًا من "عصب السلطة" وأداتها القمعية.. لتضيف مزيدًا من الصعوبات أمام القوى الديمقراطية الطريدة والمنفية خارج أي تمثيل مؤسسي يمكن البناء عليه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف