الوطن
ريهام فؤاد الحداد
حادث الواحات
صعبة تلك الأخبار الحزينة وقاسية جداً إن تعلقت بالوطن، ومستفزة إن مست أبطاله وجنوده (ثروة مصر الحقيقية). تلقيت الألم مثل كل المصريين بقلب تعتصره الحسرة وعقل تشغله الأسئلة ودماء تعتريها الرغبة بالثأر.

وبعد يومين تلقيت دعوة من الأب بطرس دانيال بزيارة الأبطال المصابين بالحادث الأليم، وبالفعل جهز كتيبته المعتادة التى أسميها دوماً كتيبة المحبة من فنانين ومثقفين ومحبين لهذا الوطن وذهبنا لتأدية واجبنا المدنى، واجبنا فى مواساة ودعم من يكونون دوماً فداء لنا، لننعم نحن باستقرار وطن واطمئنان على الحياة!!

نداوم على هذه الزيارات لكل مصابى الإرهاب سواء مدنيين أو عسكريين وفى كل مرة يغزونى ذات الشعور، شعور بالخجل من الضحايا الذين يتلقون الرصاص والقنابل عوضاً عن شعب مصر بأكمله.

أتذكر عبارات ضحايا تفجيرات الكنائس مِن مسيحيى مصر بأنهم سوف يبقون بها للأبد يحبونها أكثر من السابق ويحافظون عليها للأبد، أما عبارات الجنود بالزيارة الأخيرة فقد جاءت: «نحن فداء لمصر!!». وعندما سألت أحد المصابين بحادث الواحات، ما الكلمة التى بذهنك فى هذه اللحظة تحديداً، أجاب: «أن الحمد لله»، أكملت سؤالى: «وإن أردت أخذ تصريح قصير منك ماذا تقول؟!»، قال: «إنى سأتعافى وأذهب لأخذ الثأر».

مصاب آخر برتبة أعلى وبوطنية مشابهة، قلت له: «شكراً يا فندم على ما بذلتموه وتكبدتموه من أجلنا»، فأجاب: «هذا واجبنا»، فأعقبت قائلة: «ونحن بالجبهة الداخلية ظهير لكم ونقدر تضحياتكم حماكم الله»..

لن أنسى مشاهداتى بشأنهم أبداً، التى تنوعت بين ابتسامة راضية وعيون ملأتها الكلمات وتزاحمت بها الأفكار، وضغطة على الضروس مع زفير متحفظ غاضب، عازم على الثأر والعودة إلى الميدان!! عقيدة المصرى القتالية مباركة من الله لا يؤثر بها أى ظرف أو محنة بل تزيدها إضراما وتأججاً.

الحرب والمواجهة عند المصريين أمرها هين، فنحن شعب قتالى منذ فجر التاريخ، لكن عندما لا يكون عدوك ظاهراً، ويتخفى كالفئران، يغدر ويخون ويحتمى بالمدنيين، تكون الحرب وقتها منازلة غير شريفة، جيش أمام عصابة!! أعان الله جيشنا وسدد خطاه. جموع الشعب المصرى اهتزت وفزعت من سوء الخبر، بحثوا عن حقيقة ما حدث، ليس لأنهم خبراء عسكريون كما يتهكم عليهم البعض، ولكن لأنهم مصريون يغارون على شرطتهم وجيشهم ومصابى وشهداء الحادث الذين هم أبناؤهم وأبناء مصر.

المصرى محب لتراب بلاده بجنون، لدرجة تجعله يتحمل أصعب الظروف التى تحملها بالفعل على مر العصور، المصرى مواطن شديد العزم والوطنية، وإن أصابه ما أصابه من أى تغييرات ديموغرافية، إلا أن وطنيته لا تمس ولا تهتز، لهذا يحب أن يفهم ويستوعب الأحداث، وأن يسمعها من مصادرها الموثوقة والموثقة، كى لا يُترك فريسة لأى خبر كان.

حفظ الله بلادنا من كل شر ورحم شهداءنا وأعاننا جميعاً على حماية وطننا الغالى والمرور به من كل أزماته، ومنح أبناءه القوة والحكمة وحميد الأخلاق ونخوة الوطنية وفزعته إلى بلاده.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف