المصريون
محمود سلطان
اقتحام مدرسة لغات.. رمزية الحدث ودلالته!
منذ أيام قليلة، اقتحم ضابط شرطة، برتبة رائد، مدرسة لغات في "المنيا"، واعتدى بالضرب على ثلاثة تلاميذ ومُدرسة ومديرة المدرسة.
غزوة الضابط العنترية، جاءت بعد أن تعرض نجله الطالب في ذات المدرسة للاعتداء من التلاميذ الثلاثة.. يعني شوية عيال بيتخانقوا مع بعض.
الضابط أشهر سلاحه الميري في وجه الكل، وأثار الفزع بين الجميع، وخلّف حالة من الفوضى والغضب، ما حمل أولياء الأمور على تقديم بلاغ للنيابة العامة، والتي استدعت الضابط، واستجوبته في مقر نيابة "مطاي" في الصعيد.
من حسن حظ الطلاب الثلاثة، أن الضابط لا يعمل في ذات المكان، وإنما في قوة تأمين محور قناة السويس.. ولو كانت واقعة الاعتداء على نجله، في منطقة عمله، لجهز قوة أمنية كبيرة، اقتحم بها المدرسة، وجرجر الطلاب الثلاثة إلى قسم الشرطة، ولربما كانوا بعدها في زمرة "المختفين قسريًا"!
ولا أدري ما إذا كان التحقيق معه، جاء بناءً على الشكوى فقط، أم تحت ضغوط الرأي العام الغاضب في الصعيد، وتنامي التذمر بين قطاع كبير من المدرسين والطلاب وأولياء الأمور.
وزارة التربية والتعليم، لم تصدر أي بيان لإدانة "بلطجة" الضابط، وتدافع عن كرامة مدرسيها.. فيما كان الاعتداء ماسًا بكرامتها كمؤسسة، ولم نسمع إلا كلامًا منسوبًا لنقيب المعلمين طالب فيه بـ"الحفاظ على كرامة المعلمين وأن تكون هذه الواقـعة هي البداية لسن تشريعات جديدة لحفظ الحرم المدرسي"، وناشد وزير الداخلية لـ"تكثيف الوعي ونشر الإرشادات اللازمة للتعامل مع أطراف المنظومة التعليمية"!
وفي المقابل، لم تصدر الداخلية بيانًا، تعتذر من خلاله للرأي العام المصري، قبل أن تعتذر فيه للمدرسين ولوزارة التربية ونقابة المعلمين.. ولا ندري ما إذا كانت الداخلية فتحت تحقيقًا داخليًا منفصلاً مع الضابط، في بادرة تبرق رسائل للمجتمع المصري، بأنها تحاسب المخطئ وأن ما بحوزة الضباط من سلطات.. هي لحماية الناس وليس للاعتداء عليهم وانتهاك حرماتهم.. فالحدث لم يكن مجرد "عدوان" عادي من مواطن على مجموعة من الناس وحسب.. فالحدث له دلالته الرمزية بالغة الخطورة، والتي لا زلنا نعاني منها حتى هذه اللحظة.
أنا أعرف أن الداخلية ـ في بعض الحالات ـ تعاقب الضباط المخطئين، ولكن تبقي على إجراءاتها طي الكتمان، وهو ما يترك انطباعًا بأنها تحمي ضباطها المتجاوزين ولا تعاقبهم.. فالإعلان عن نتائج التحقيقات والجزاءات الموقعة، تضيف إلى رصيد ثقة المواطن في الداخلية، أما السكوت فإنه يخصم من تلك الثقة ويعزز من مشاعر الغضب وفقدان التعاطف مع تضحياتها.
كما أننا لا نعرف كيف تصرفت النيابة العامة في القضية بعد أن استكملت التحقيقات، وهذه القضية كما قلت فيما تقدم، لها خصوصيتها كقضية رأي عام، ماسة بكرامة المعلمين والمواطنين عمومًا، وماسة بسمعة وزارة الداخلية أيضًا، ولذا فإن الإعلان رسميًا عما آلت إليه القضية على الرأي العام، لم يعد ترفًا إجرائيًا، وإنما واجب وطني يفرضه مقتضى الحدث وحساسيته ودقته.. فالناس أمام القانون سواء، من له ظهر ومن لا ظهر له ولا بطن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف