الدستور
مدحت بشاى
بارك بلادى
برؤية وطنية وحرفية مهنية وبطاقة إيجابية وإيمان رائع بشعار «مصر تستطيع» أعدت جريدتنا «الدستور» ملفًا مهمًا ورائعًا بعنوان «بارك بلادى» و«بارك بلادى» لو تذكرون عنوان ابتهال الترنيمة الأشهر التى ترنم بها كل المصريين عقب عدد من الأزمات الطائفية لتغطية ومساندة القرار المصرى بالاحتفال بمسيرة العائلة المقدسة، وقد أعلن بابا الفاتیكان فرنسیس تضمین رحلة العائلة المقدسة إلى مصر برنامج الحج الفاتیكانى لعام ٢٠١٨، وذلك فى قداس حضره وزیر السیاحة المصرى، وبارك البابا خلاله للمرة الأولى الأیقونة الخاصة برحلة العائلة المقدسة، واعتمادًا كرمز رسولى للترویج لرحلة العائلة، مثل شجرة الزیتون للحج بالقدس.
ولإعداد ملف «بارك بلادى» تم تشكيل كتيبة رائعة من مراسلى الجريدة وتكليف جنودها بالذهاب إلى معظم المواقع المهمة والنقاط الأبرز على خارطة الرحلة التاريخية على أرض المحروسة، وكان واضحًا وضع إدارة «الدستور» عددًا من الأهداف الواضحة من إعداد الملف أن يكون فى إطار الجهود المعاونة لمتخذ القرار والمنفذ ومن قبلهما المخطط لإعداد برامج الرحلة عبر استعراض مظاهر الواقع الفعلى وبشفافية لحال تلك المواقع، ولعل من المفيد هنا الإشارة إلى أكثر من مثال لتلك التغطية. ففى منطقة «مغارة أبوسرجة» كشف القس أنطونيوس فوزى، أحد كهنة كنيسة «المغارة» لفريق «الدستور»، عن أن عملية ترميمها بدأت ٢٠١٤، بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وانتهت أواخر ٢٠١٦، مشيرًا إلى أن الكنيسة تعد قبلة للزائرين من كل بقاع الأرض ومن مختلف الديانات، وليس المسيحية فقط، ممن يأتون إليها للحصول على البركة. وأضاف: «رغم قدسية المنطقة وجمعها الأديان السماوية الثلاثة، إلا أنه ينقصها الكثير من الخدمات، فلا توجد بها دورات مياه، وتتراكم القمامة فى الطريق المؤدى إليها، كما أن الباعة يستغلون جدران الكنيسة الخارجية لعرض منتجاتهم عليها»، مؤكدًا ضرورة استغلالها بعمل جداريات تحكى مسار العائلة المقدسة ما يزيد من روحانيات المكان.
وفى نقطة تالية بمنطقة «سمنود» تحاصر سوق الخضار معجزات مريم فى طرق ممتدة طويلة، حيث تقع كنيسة العذراء مريم فى «سمنود» بمحافظة الغربية، شاهدة على معجزات المسيح والسيدة مريم، أثناء مكوثهما معًا فيها طيلة ١٧ يومًا، خلال رحلتهما إلى مصر. داخل الكنيسة التى تمثل المحطة الرابعة فى رحلة العائلة المقدسة، وقال القس بيشوى، أحد كهنة الكنيسة لمندوب «الدستور» إن المسيح أحيا خلال إقامته فى سمنود ميتًا، فانتشرت المعجزة بين الأهالى، الذين كانوا يعبدون الأصنام وقتها، فخرجوا لمقابلة العائلة المقدسة فى المكان، الذى أقيمت عليه الكنيسة بجوار بئر ماء ما زالت موجودة حتى الآن، يشرب منها الناس للتبرك». وعن وضع الكنيسة بعد تصديق الفاتيكان على رحلة العائلة المقدسة فى مصر، قال: «وضعها الحالى غير مرضٍ، وغير مشرف لمصر أمام العالم نتيجة وجودها وسط سوق للخضراوات»، مشيرًا إلى أن من طقوس استقبال الأفواج السياحية إخلاء مجلس المدينة للشارع والسوق حتى تنتهى الزيارة.
وبرؤية إسلامية وتاريخية كتب أستاذ الأكاديميين الإعلاميين د. محمود خليل حول الحدث بعنوان «المسیح والصدیقة مریم ویوسف النجار»، الحدث یبدو كبيرًا، ویمثل تأكیدًا جدیدًا لقداسة الأرض التى نعیش فوق ترابها والتى مرت علیها العائلة المقدسة. جاءت العائلة إلى مصر بحثًا عن الأمان، بعد ما أحیط بها من جانب طغاة بنى إسرائیل الذین لم یلمحوا وجه المعجزة فى المسیح، وأبوا الإیمان به، حمایة لمصالحهم، وإبقاء على ما أصاب عقیدتهم من هزال، بعد أن انقضى عهد نبى الله موسى علیه السلام. تعالوا نبحر فى كتب التراث لنستكشف ما قالته حول معالم الرحلة المقدسة. عیسى عاش ١٢ سنة كاملة فى مصر ثم عاد إلى «بیت إیلیا» لیبدأ «رحلة التبشیر» برسالة الإنجیل منذ میلاده، عاش المسیح علیه السلام حیاة مهددة، فلك أن تتوقع حال طفل كان میلاده معجزة، ثم خاطب قومه، فیما لم یزل فى المهد صبیًا. وهى المعجزة التى أقرها القرآن لعیسى، ولم یذكرها غیره من الكتب السماویة. یقول ابن كثیر فى «البدایة والنهایة: «وقال إسحق بن بشر عن جویبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال: وكان عیسى یرى العجائب فى صباه إلهامًا من الله، ففشى ذلك فى الیهود، وترعرع عیسى فهمت به بنو إسرائیل فخافت أمه علیه، فأوحى الله إلى أمه أن تنطلق به إلى أرض مصر فذلك قوله تعالى: «وجعلنا ابن مریم وأمه آیة وآویناهما إلى ربوة ذات قرار ومعین».
جميل تصريح محمد يحيى راشد، وزير السياحة، قال «إن مباركة بابا الفاتيكان للمرة الأولى للأيقونة الخاصة برحلة العائلة المقدسة فى مصر يعنى اعتمادها كرمز رسولى، ويمنح مصر فرصة مهمة للترويج لرحلة العائلة المقدسة على غرار الرموز المعتمدة للحج من الفاتيكان، مثل شجرة الزيتون للحج بالقدس، وهو ما يعد خطوة مهمة وأساسية لتضمين مصر فى برنامج الحج الفاتيكانى لعام ٢٠١٨، كما أضاف «راشد» أن مصر بكل أجهزتها ووزارة السياحة وهيئة التنشيط يعملان بقوة من أجل الترويج لبرنامج رحلة العائلة المقدسة، وهناك بالفعل دراسات للأسواق التى سيتم إطلاق الحملات فيها، مشيرًا إلى أن برنامج رحلة العائلة المقدسة يجذب لمصر أسواقا مهمة مثل أمريكا اللاتينية، إلى جانب الأسواق الآسيوية، وشرائح مهمة من السوق الأوروبية المصدّرة لحركة السياحة لمصر.
إن ما تحققه مصر اليوم فى قطاع السياحة من خلال إطلاق برنامج رحلة العائلة المقدسة هو خطوة مهمة فى طريق الصعود، والخروج من عنق الزجاجة، إن أنظار العالم وكل وسائل الإعلام الدولية تتابع الحدث، وتنقلها القنوات العالمية على الهواء، وكذلك الصحافة العالمية والميديا الجديدة، وهو ما يمنح مصر فرصة مهمة فى تحسين الصورة الذهنية وتقديم خطاب يعبر عن التنوع الحضارى الثقافى المصرى وانفتاحها على العالم وترحيبها بالسياحة العالمية وأنها آمنة بإذن الله.
نحن فى احتياج لتشكيل كيان عام يضم ممثلين عن مؤسسات الثقافة والإعلام والآثار والتعليم والسياحة والشباب يكون مهمته تقديم مصر من جديد إلى العالم كبلد سياحى عظيم ودولة مدنية متحضرة، وأن يرفع رجال الدين أياديهم عن التحكم فى الآثار الدينية بشكل يعزلها عن دنيا الناس لأى سبب بدعوى الخوف عليها، وفى مقدمة تلك المؤسسات «بيت العيلة» الذى لم يسهم عبر سنى وجوده فى دعم تطوير الخطاب الثقافى والدينى!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف