الوطن
نهاد أبو القمصان
زواج القاصرات ليس جريمة
ما أن أعلن الرئيس عدم قبوله لظاهرة الزواج المبكر التى أشار إليها التعداد السكانى الصادر عن المركز القومى للتعبئة والإحصاء، حتى انتفضت أجهزة الدولة والإعلام ضد هذه الظاهرة، وتم القبض على بعض الأشخاص الذين يقومون بعقد هذه الزيجات خارج إطار القانون، وفى الحقيقة لا أعرف بأى نص سيتم تجريمهم، فصدق أو لا تصدق، والمفاجأة الكبرى، أننا ليس لدينا جريمة تسمى زواج القاصرات، إننا كدولة وضعنا الكثير من «لا يجب - ينبغى - لا يجوز»، لكن النص على شىء دون تحديد عقوبات رادعة يصبح كالحبر على الورق وهو والعدم سواء.

وزواج القاصرات هو زواج يتم لكل من لم تبلغ الـ18 عاماً، وهذا الزواج من المفترض أنه مخالف للدستور المصرى، حيث نصت المادة 80 من الدستور المصرى على أنه «يعد طفلاً كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره....»، ومخالف أيضاً للفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المصرى رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008 على أنه «يقصد بالطفل فى مجال الرعاية والمنصوص عليها فى هذا القانون كل من لم تتجاوز سنه الثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة».

ونص القانون صراحة فى المادة الخامسة فى فقرتها الأولى من القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 «ألا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية». أى بمنع الزواج لمن هو دون الـ18 عاماً، أيضاً رفضت المحكمة الدستورية العليا، الأحد الموافق 24/09/2017، طعناً بعدم دستورية نص المادة فى قانون الطفل، وبهذا الحكم يكون تم القفل أمام أى مطالبة قضائية بإلغاء أو عدم تطبيق هذا النص، ويصبح نصاً أبدياً لا يتم إلغاؤه، ويؤكد عدم جواز الزواج لمن دون الثمانية عشر عاماً.

ولم تقف المخالفة عند الدستور وقانون الطفل، بل تمتد هذه المخالفة إلى المواثيق الدولية التى صدَّقت عليها مصر، والتى تعد جزءاً من قانونها الداخلى، طبقاً لنص المادة 93 من الدستور المصرى، حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 21 من الميثاق الأفريقى لحقوق الطفل، التى حظرت زواج الأطفال وخطبة الفتيات لكل من لا يتجاوز ثمانية عشر عاماً، واتفاقية الطفل التى حددت سن الطفولة بثمانية عشر عاماً.

وعلى الرغم من أن زواج القاصر مخالف للدستور والقوانين والمعاهدات الدولية، فإن المفاجأة أن (هذا الفعل فى حد ذاته لا يعاقب عليه القانون المصرى)، حيث لا توجد جريمة لمن قام بالزواج بقاصر أو تزويجها، وإذا قام الشخص بهذا الفعل فلا نستطيع محاكمته إلا إذا اقترن هذا الفعل بجريمة التزوير المنصوص عليها فى قانون العقوبات المصرى، ولا يوجد إلا تجريم وحيد مستقل لهذا الفعل منصوص عليه فى المادة 227 من قانون العقوبات المصرى، وهى تعاقب عن عدم إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً فقط، فضلاً عن عقوبتها الهزلية بالحبس أو الغرامة، وهى خاصة بالمأذون الذى يقوم بتزويجهم، والذى يحصن نفسه أمام العائلتين بالحصول على إيصالات أمانة على بياض حتى يقفل الباب أمام من تسول له نفسه بتقديم شكوى ضد الآخر وتورطه بجريمته بتزويج قاصر.

ولعدم وجود جريمة على كل من الأب والزوج الذى يتزوج قاصراً، يصبح من المهم العمل على:

1- إصدار تشريع مستقل ينظم الزواج.

2- النص على جريمة لكل من يتزوج بقاصر.

3- النص على جريمة لكل من يشارك فى هذه الجريمة.

4- إلغاء دفتر إثبات الزواج، وقصرها على المحكمة، مع وضع شروط أهمها التأكد من أن هذا الزواج لم يكن قبل بلوغهما السن المحددة قانوناً.

5- النص على جريمة خاصة بالتسرب من التعليم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف