الوفد
هبة عبد العزيز
الأزمة الكردية.. أزمة إنسانية بالأساس (1)
ما بين إيران فى الشرق وسوريا فى الغرب، وأيضاً تركيا فى الشمال وباقى مناطق العراق فى الجنوب، يقع إقليم «كردستان العراق» بعاصمته «أربيل»، هذا الإقليم الذى حصل على الحكم الذاتى بموجب معاهدة 1970م والتى وقعت ما بين الحكومة العراقية والمعارضة الكردية بعد سنوات من القتال العنيف راح خلاله مئات بل الآلاف من البشر الأبرياء!
وما بين الديانة الإسلاميةـ والتى تمثل الأغلبيةـ والتى يأتى بعدها فى ترتيب الأعداد كل من المسيحية والآشورية والأرمينية وكذلك اليزيدية، عاش أو يعيش ما يقرب من أكثر من 30 مليون انسان- بحسب تقديرات البنك الدولى لعام 2009م- يتحدثون العربية والكردية كلغات رسمية، باللهجات السوانية والكورامنجية، ويحتفلون من كل عام بعيد النوروز فى 21 مارس- وهو أول يوم من شهر نوروز وأول أيام فصل الربيع أيضا فى التقويم الكردى- أسوة فى ذلك بالثقافة الإيرانية والتى تعد الثقافة السائدة وسط الأكراد فى شمال العراق ـ هؤلاء الأكراد الذين صنعوا موسيقى كلاسكية شعبية بنكهة خاصة بهم تشعل فيك روح الحماس حين تستمع إلى مقطوعتها، كما أبدعوا أيضا بشكل رائع فى مجال فن سرد القصص البطولية الشعبية، والتى ظنى أن أجملها على الإطلاق أغنية خاصة بمحرر القدس الشريف «صلاح الدين الأيوبى» ربما تتردد ألحانها على مسامعى حين لآخر.
وانطلاقاً من الإنسانية والإنسان لا من السياسة والسلطان.... وبعد تلك المقدمة المعرفية البسيطة بعض الشىء، والتى ربما أصبح لا يهتم أو قد لا يعرف بما ورد فيها البعض وخاصة من أولادنا والأجيال الجديدة الذين يتم- بشكل شبه يومى تقريبا- محاولات تغريبهم من خلال طمس معالم هويتهم الوطنية والقومية، وكذلك تشويه تاريخهم، وتحقير رموزهم، والعمل على شغل أفكارهم بمساحات كبيرة من التفاصيل والتفاصيل الكثيرة، السطحية والمثيرة للجدل فى الغالب، من أجل البعد- وكل البعد- عن قضايا أخرى أكثر أهمية وإنسانية، قضايا ومسائل تنطلق من التاريخ- الذى يجب التمعن فيه، وتشتعل فى الحاضر المعاصر، لترسم تطوراتها معالم مستقبلنا ومصيرنا ومصير منطقتنا وأولادنا.
ومن تلك الزاوية الإنسانية والقومية بالأساس، ربما أجد نفسى تنظر الى القضية القديمة المتجددة، وهى قضية الأكراد والجدل السياسى الساخن حول مسألة انفصالهم عن العراق وإقامة دولة كردية ذات سيادة مستقلة!
إن ما يشغلنى هنا، وأود أن أوجه إليه الأنظار، لأنى ربما أراه أهم الاسباب الرئيسية فى أزمة «الأكراد» الحالية هو ما يسمى فى السياسة بـ«حقوق الاقليات»!. ولعلى أميل أنا إلى تسميته باحترام الإنسان واحترام الاختلاف والتنوع وخاصة العرقى أو المذهبى داخل المجتمع الواحد، ومن ثم حتمية الاهتمام بالثقافات الفرعية، وانعكاس ذلك فى برامج التعليم والإعلام بالأساس (حيث إنهما من أهم المؤثرات المؤسسية فى تشكيل وجدان الشعوب) إضافة إلى وجوب انعكاس ذلك ايضا فى الخدمات المقدمة وفى تركيبة الحكم ومفاصلة المؤسسية، لأنه وببساطة شديدة غياب مثل هذا النوع من (الاحترام) بشكله العملى كان من ضمن أهم الاسباب التى أدت بالأساس الى ظهور الإرهاب وتعاظم موجاته، ويعلم جميعنا أن العمود الفقرى للفكر المتطرف والإرهابى هو عدم احترام الآخر وإنكار فكره وازدراؤه ابتداء من استبعاده وتجاهله ووجوده المعنوى والفكرى والثقافى والعقائدى والمذهبى، الذى تستغله الدول صاحبة المصالح بتأجيج الصراعات للوصول إلى تفتيت الدول.
وللحديث بقية
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف