الوطن
محمد حبيب
عندما انقطع الحوار مع المرشد
برغم جلسة مكتب الإرشاد المهزلة فى ٦ مايو ٢٠٠٩، التى تقرر فيها عرض مشروع اللائحة (٣ مواد فقط) على أعضاء مجلس الشورى العام.. وبرغم لقائى بالمرشد فى ٢٨ مايو ٢٠٠٩ لمناقشة المشروع الذى طرحته عليه والذى تضمن ٣ محاور رئيسية لتطوير أداء الجماعة، والذى لم يسفر -للأسف- عن شىء.. وبرغم تراجع المرشد «عاكف» عما تم الاتفاق معى عليه.. مع ذلك، كنت أتلطف معه إلى أبعد الحدود لعل الله تعالى يشرح صدره، ولم أكن أتوانى فى توجيه ملاحظاتى ونصحى له لآخر لحظة.. كنت أشعر أن هذا حقه وحق الجماعة علىّ.. وفى يوم ٢٦ يونيو ٢٠٠٩، أرسلت إليه رسالة مكتوبة متضمنة رأيى فيما يفكر فيه وفيما يريد تنفيذه بشأن إجراء انتخابات عاجلة للمكتب، على اعتبار أن أداء المكتب الموجود حينذاك كان -على حد تعبيره- سيئاً وبه مشكلات كثيرة.. وكان رأيى (الذى ذكرته له سابقاً)، أنه لو أجريت انتخابات فى ذلك الوقت فسوف تأتى بنفس التشكيلة الموجودة، لأن مجلس الشورى العام لم يكن مجلساً حقيقياً يؤدى دوره بشكل مستقل، وإنما كان تابعاً لشخص محمود عزت، الأمين العام للجماعة وصهر المرشد عاكف الذى مكنه من كل مقاليد الأمور.. وقد تضمنت الرسالة ما يلى: «توقفت طويلاً أمام قولكم الذى سمعته منكم مراراً، إنك تريد الاطمئنان على الجماعة قبل أن تمضى فى ١٤ يناير ٢٠١٠، وهو ما جعلك تفكر فى تعديل اللائحة وإجراء انتخابات عاجلة للمكتب.. وأنا هنا أريد أن أضع ملاحظات على هذه المسألة، تحديداً فى النقاط التالية:

١- إذا كنت تريد أن تطمئن على الجماعة فهذا حقك، وجزاك الله خيراً، لكن يجب ألا ننسى أنه حق بل واجب كل فرد منا، بدءاً من المرشد وحتى آخر شخص فى الصف.. ولا أحد يستطيع أن يقول إنه حق له وحده دون الآخرين، فالكل شركاء فى المسئولية، ويهمهم أمر الجماعة، حاضرها ومستقبلها، وأن الأمر ليس مرتبطاً بشخص أياً كان موقعه فى الصف، كما أن الأمر ليس مرتبطاً بمؤسسة داخل الجماعة دون بقية المؤسسات الأخرى، وهكذا.

٢- لا بد أن نستحضر فى أذهاننا أن الجماعة لديها نظم ولوائح تضبط إيقاع حركتها وسيرها، فى ظل منظومة القيم الأخلاقية والإيمانية والإنسانية التى تسعى لنشرها فى المجتمع المصرى.. وبقدر ما نحترم ونلتزم بالنظم واللوائح، بقدر ما نعصم أنفسنا من التناقض فى المواقف، وبقدر ما نزيل أيضاً أى أثر للالتباس أو الغموض أو أى شبهات يمكن أن تثار.. ثم أن التزامنا بالنظم واللوائح يكسبنا ثقة الصف كله، كما يكسبنا ثقة واحترام الآخرين من غير الإخوان.. وفى التحليل الأخير، نحن نضرب المثل والقدوة للأجيال المقبلة، فضلاً عن أننا نؤصل لثبات واستقرار عمل الجماعة.

٣- أن هذه الجماعة لديها المؤسسات الحاكمة لها والضابطة لحركتها.. فقط نحتاج لتفعيل هذه المؤسسات كى تؤدى دورها وتقوم بمسئولياتها.. هذه المؤسسات المتمثلة فى مجلس الشورى، ومكتب الإرشاد، والمكاتب الإدارية، والأقسام، واللجان، قادرة بفضل الله تعالى على السير قدماً بالجماعة نحو غاياتها وأهدافها، بكل الحكمة والرشد، وبالتالى فلا قلق ولا انزعاج.

٤- أن الإخوان -على وجه الإجمال- لديهم من الفهم والخبرة والتجربة ما يمكنهم من إدارة شئونهم بقدرة وكفاءة.. وهؤلاء يجب أن نثق فيهم وأن نعطيهم قدرهم، ويجب ألا نتصور أنهم ما زالوا صغاراً فى حاجة لمن يأخذ بأيديهم.. نحن كإخوان أمامنا استحقاقات كبيرة تتطلب منا التفرغ الكامل لمواجهتها والإعداد الجيد للتعاطى معها من الآن، وهى أن أمامنا: ا) انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى المصرى فى يونيو ٢٠١٠، وب) انتخابات مجلس الشعب المقبل (إذا استمر إلى نهايته) فى نوفمبر ٢٠١٠، وهناك احتمالات لحله خلال أشهر.. والخلاصة التى أريد أن أصل إليها، تتلخص فى الإجراءات الثلاثة الآتية: أولاً: يتم اختيار المرشد المقبل فى حينه وفق اللوائح، أى بعد أن يكمل مجلس الشورى العام للجماعة دورته التى تنتهى فى يونيو ٢٠١٠.

ثانياً: يتم اختيار مجلس شورى عام جديد بعد أن يتم تحديد أنصبة المحافظات بشكل لا يزيد نصيب كل محافظة على ٥ أعضاء فقط، وبعد أن يوضح لمجالس شورى المحافظات المواصفات والمعايير التى يجب أن يتم على أساسها انتخاب عضو مجلس الشورى العام، وثالثاً: أن يقوم هذا المجلس باختيار مكتب إرشاد جديد، وأن يتم تطبيق نص الفترتين بدءاً من هذا التاريخ».

بعد أن قرأ المرشد هذه الرسالة قال لمن حوله (مستنكراً): ألا ترون؟ هل انقطع الحوار بيننا ولم يعد سوى هذا الأسلوب؛ أسلوب الرسائل؟! وعلى أثر ذلك، جاءنى بمنزلى الأخوة: رشاد بيومى، عبدالمنعم أبوالفتوح، محمد مرسى، محمد سعد الكتاتنى، محيى حامد، وسعد الحسينى، وذلك لمعرفة الدافع الحقيقى وراء وصول الحوار بينى وبين المرشد إلى هذه الحالة.. قلت: إن المشكلة ليست عندى، لكنها فى أزمة العلاقة بين المرشد ومكتب الإرشاد، وأنتم تعلمون ذلك.. وإذا كنا لا نستطيع إحداث أى تغيير نظراً لطبيعة الرجل، وهو فى هذه السن، فلا أقل من إيجاد بعض الضوابط الحاكمة لتسيير العمل بأقل درجة من الخسائر.. وفى هذا الصدد يجب أن نتوقف عن مجاراة المرشد فيما يفعل، خاصة وقد صار لنا ما يقرب من ٦ سنوات ونحن نعانى، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى.. لقد توقف الحوار بينى وبينه لأسباب، ولم أجد سبيلاً إلا الكتابة، ففيها أقوم بترتيب أفكارى وعرضها بطريقة سهلة بسيطة، فضلاً عن أنها تتيح للمرشد قراءتها أكثر من مرة فى جو هادئ، بعيداً عن أى توتر أو انفعال.

كالعادة انفض اللقاء دون الاتفاق على خطوات إجرائية محددة.. وكان ذلك فى حد ذاته مشكلة، إذ إننا عادة ما نميل إلى تجنب المشكلات، لا إلى مواجهتها، وفى كثير من الأحوال يتم ترحيلها بدعوى: الزمن جزء من العلاج، أو أن هناك هموماً كثيرة وكبيرة فى حاجة للتصدى لها وإعطائها الأولوية عما سواها، وبالتالى نسيان أو تجاوز ما يحدث بيننا، وهكذا.. لم يمض على هذا اللقاء سوى يومين، وإذ بنا نفاجأ فجر يوم ٢٨ يونيو ٢٠٠٩ بإلقاء القبض على الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وعدد من إخوانه ممن يعملون فى مجال الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب، وضم الجميع إلى «التنظيم الدولى»، واتهامهم بجمع أموال الإغاثة الخاصة.. إلخ. (وللحديث بقية إن شاء الله).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف