اليوم السابع
حازم صلاح الدين
عفوًا.. الأهلى لا يلعب باسم مصر
"إن شاء الله مربوحة يا الأهلى المصرى وبالتوفيق لجميع الفرق العربية".. هكذا كتب التونسى أنيس بوجلبان لاعب الأهلى السابق على صفحته الشخصية عبر "فيس بوك"، عقب زيارته للبعثة الحمراء فى رادس خلال الاستعداد للمواجهة المرتقبة أمام النجم الساحلى المقرر إقامتها على ملعب "سوسة" الأحد المقبل ضمن منافسات نصف نهائى دورى أبطال أفريقيا.. لك أن تتخيل ماذا سيحدث إذا فعل مثل هذا الأمر لاعب ينتمى للزمالك على سبيل المثال وقام بزيارة فريق النجم حينما يأتى للقاهرة وتمنى فوزه على الأهلى، بالطبع النتيجة معروفة اتهامات من عينة "أنت خائن.. كيف تتمنى فوز فريق من بلد آخر يلاعب فريق من مصر"، ناهيك عن سيل الشتائم من الجماهير الأهلاوية له عبر "السوشيال ميديا".



السؤال الذى يطرح نفسه هنا.. هل يلعب الأهلى باسم مصر خلال مشاركته فى البطولة الأفريقية أم لا؟



الإجابة على هذا السؤال صعبة بكل المقاييس، لأن أصحاب الرأى بأن الأهلى يلعب باسم مصر فعلاً يعتمدون على وتر شعارات الوطنية، وهو بكل تأكيد يمس الكثير منا، لكنى أرى أن الكثير من أصحاب هذا الرأى كلامهم مصطنع وليس بالفطرة ويبحثون عن "الشو الإعلامى" فقط، أما أصحاب الرأى الآخر بأن الأهلى أو الزمالك حينما يلعبون خارجيًا يمثلون ناديهما فقط خاصة أن مصر لها منتخب يمثلها فى المحافل الدولية، فهم من حقهم التعبير عن رأيهم صراحة دون أن يواجهوا اتهامات الخيانة العظمى ولكن بشرط ألا يصل بهم رأيهم إلى التعصب الأعمى.



هنا يحضر فى ذهنى مشهد من فيلم "الإرهاب والكباب" للزعيم عادل إمام، عند ظهور الفنان السودانى محمد السنى دفع الله الذى جسد دور مواطن سودانى يعيش فى مصر خلال أحداث الفيلم، وكان يردد دائمًا عندما يسمع شيئاً لايعجبه "فى أوروبا والدول المتقدمة لا يفعلون هذا".. حقًا نحن لا نرى حينما يتمنى الإسبانى جيرارد بيكيه مدافع برشلونة خسارة ريال مدريد أمام أى فريق آخر فى دورى أبطال أوروبا، تخرج الأقلام وتتهمه بالخيانة وعدم الوطنية لأن "الملكي" يلعب باسم بلاده، ونفس الحال لسيرخيو راموس لاعب الريال، وغيرهم فى كل الدوريات الأوروبية مثل إيطاليا وإنجلترا.



يجوز أن الوضع عندنا مختلف بعض الشيء من حيث الطبيعة الحياتية والتربية، لكن هذا حتى فى البلدان العربية أصبح موجودًا.. والإجابة "تونس"، والدليل ما فعله أنيس بوجلبان الذى لعب فى صفوف "القلعة الحمراء" فى الفترة من 2007 حتى 2009، فنجد أن جماهير النجم تتمنى خسارة الترجى والأفريقى والصفاقسى أفريقيا والعكس يحدث أيضًا.

فى نفس الوقت ليس عيبًا أو حرامًا إذا ظهر زملكاوى يتمنى فوز الأهلى على النجم بحجة أنه يلعب باسم مصر، أو العكس إذا تمنى أهلاوى فوز الزمالك خارجيًا، كلها فى النهاية آراء تعبر عن وجهات نظر صاحبها، ويجب احترامها ولا ننساق وراء صائدي "الماء العكر" الذين يرمون شباكهم عبر مواقع التواصل الاجتماع وتخرج الالفاظ النابية التى لا تتناسب مع مجتمعنا، فلابد أن يعى الجميع أن الهدف الأسمى للرياضة هو المنافسة الشريفة داخل المستطيل الأخضر، ويذهب التوفيق لمن يستحق، لكن لا يجب أن يصل إلى مرحلة الانحطاط واللا أخلاق، فكفى ما حدث فى مجزرة استاد بورسعيد الشهيرة والتى راح ضحيتها شخوص فى ريعان شبابهم بسبب التعصب الذى زاد عن الحد خلال السنوات الماضية.



نعم جماهير الزمالك عاشقة لناديها حتى "النخاع" دون النظر لأى مقابل سوى مساندة النادى لنهاية المطاف، ومن حقها ألا تشجع الأهلى فى دورى أبطال أفريقيا وتتمنى خسارته، لكن مثلما قلت سابقاً لا يجب مساس الآخر بألفاظ خارجة حتى لا نخلق أجيال متعصبة ومتوترة.

الحال نفسه لجماهير الأهلى "المعجونة" بحب ناديها فهى لا تقبل سوى البطولات وتسانده فى كل المناسبات دون انتظار المقابل، لكن لا يجب أن يصل الحال بها إلى سباب الآخر، لاسيما أن السنوات الأخيرة أصبح التعصب المجنون مادة خصبة لـ"فيس بوك وتويتر"، ويظهر ذلك بقوة فى الحرب الدائمة والخروج عن الآداب العامة بين جماهير الأهلى والزمالك على "السوشيال ميديا" بعد أى اخفاق هنا أو هناك.



خلاصة القول.. أصحاب الرأيين ليسوا مخطئين إذا التزموا بالحدود المعروفة فى التشجيع المثالى وعدم الخروج عن النص.. فأنا على سبيل المثال أميل بقلبى إلى أن الأهلى يلعب باسم مصر ويجب أن أشجعه من هذا المنطق بعيداً عن انتمائى للألوان، أما بعقلى أرى أنه يمثل نفسه فقط كنادٍ كروى.



فى النهاية.. "إن شاء الله مربوحة يا أهلى .. وتتخطى عقبة النجم وتصعد للنهائى وتحصد اللقب من أجل إدخال الفرحة لقلوب جماهيرك" .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف