الأهرام
سكينة فؤاد
عما حدث فى الأمم المتحدة.. ويحدث هنا
> هذا النظام العالمى وقواه الكبرى المتوحشة التى أوصلت العالم إلى ما وصل إليه من انهيار وحروب وإفقار وتمييز وافتقاد العدالة والأمان ـ وفى القلب من كل هذا الدمار والصراع واهدار الدماء فى المنطقة العربية ـ وفى القلب منها وعلى حوافها الأكثر اشتعالا تقف مصر ـ هل هذا النظام وهذه القوى المتوحشة على استعداد للتراجع والاستماع إلى صوت الحكمة والإنسانية والعدالة وتنفيذ أولويات الإنقاذ الأربع التى قدمتها كلمة مصر ورئيسها أمام الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

أشك كثيرا فى تحكيم صوت العقل والضمير والقوانين والمبادئ الأخلاقية ـ فالمصالح تحكم وتتحكم وليتها مصالح عادلة لا تكرس الفقر والتفاوت والتبعية والفوضى والصراع ولا تساوى بين من يكتوون بنيران الارهاب، ويخوضون حروبا ضده، وبين حراسه وصناعه ومموليه وموفرى الملاذات الآمنة له ويضربون عرض الحائط بأمان الشعوب واستقرارها واستقلالها ودولها الوطنية. لقد أطلقت مصر ورئيسها ومن منطلق تراثها الحضارى والأخلاقى والإنسانى ومواقفها ومبادئها الثابتة نداءات للعقل والحكمة والرشد وتحقيق أمل الشعوب فى نظام دولى عادل وآمن وسط مجتمع دولى فقد عقله وضميره ومبادئه أطلق كل ما بداخله من وحوش كامنة وجماعات إرهابية عميلة يستخدمها أدوات لتحقيق أطماعه ومصالحه المتوحشة لذلك فالأمل فى تغليب صوت العقل والضمير والرشد ـ الدعوة التى كان جوهر خطاب الرئيس أمام الأمم المتحدة ـ بعيد المنال فى تحقيق أمل الشعوب فى نظام دولى عادل وآمن ومنصف ـ وأيضا الأمل المستحيل فى أن يستجيب الكيان الصهيونى لجهود مصر لإحياء القضية الفلسطينية ـ وأن يظل قائما ودائما عدم المساواة بين القاتل والمقتول والسارق والمسروق! لن يتوقف الكيان الاستيطانى عن تماديه فى المراوغات والأكاذيب والادعاءات التى تتيح له التهام ما تبقى من أراض عربية محتلة وعن فعل المستحيل لإبقاء الصف الفلسطينى منشقا ومتصارعا وإفشال المساعى الجديدة لمصر لانهائها، وألا يستجيب الفرقاء الفلسطينيون للمحاولات الشيطانية التى لم تتوقف وأن يتعلموا من تاريخ ما خسروه بسبب الصراعات والانقسام وتاريخ ما كسبه واستولى عليه العدو، وأن يضعوا نهاية للمشهد المأساوى لانقسامهم واحترابهم من أجل أهداف بعيدة تماما عن خدمة قضيتهم وشعبهم.. وأن يدعموا سعى مصر ـ أو فى الحقيقة الحلقة الجديدة من مساع لم تتوقف أبدا من مصر لقيام دولتهم المستقلة على حدود 67 وليتأكد أيضا من جديد إصرار الكيان الصهيونى على منع قيامها.. وأفلحوا إن صدقوا.. والصهاينة لم ولن يصدقوا أبدا.

ومرة أخرى ودائما يظل مصدر القوة الأساسى هنا بالداخل.. هنا على أراضينا.. وفى استجماع عناصر قوة الأمة ـ أو ما تبقى منها وإدراك خطايا ما أنزلته بشعوبها واستقرارها واستقلالها وما سمحت به من تبديد وإهدار لعظيم ما امتلكت من ثروات بشرية وطبيعية، ومن تمكين لقوى استعمارية متوحشة لا يعنيها إلا تحقيق مصالحها!!

> ما حققته المشاركة الرئاسية فى الأمم المتحدة ويستكمل ما سبق من مشاركات ونجاحات شرقا وغربا، وعلى بالغ أهمية التوازن والوجود الخارجى يجب الاهتمام بألا تتسع الشقة بينه وبين إدارة الشأن الداخلى، وبما يخفف بعض توابع الاجراءات الاقتصادية وتقصير مخل ومخجل لوزارات ومحافظين ومحليات، من يصدق أن يبدأ العام الدراسى وبعد إجازة الصيف الطويلة وأحوال المدارس بالشكل المزرى والمؤسف الذى تكشفه حملة جادة ومهمة لصحيفة الوطن ـ مع تحية خاصة لها. المدارس فى المحافظات تدخل فى سلطة المحافظين ـ ولا أعرف إن كان السادة المحافظون ووزير التنمية المحلية الغائب منذ تعيينه كلفوا أنفسهم القيام بجولات تفقدية لهذه المدارس ليروا ما يغرق فى المياه الجوفية وما تسرح فيه الحيوانات وما تحيط به مصايد موت تنتظر التلاميذ وعشرات القرى التى بلا مدارس!! أرجو أن تكون وثائق الاهمال والتقصير عرائض اتهام ضد المسئولين عنها، وأن تكون محل تحقيقات من هيئة الرقابة الادارية, مرة أخرى ودائما العقوبات الجادة والمشددة والعاجلة والغائبة والمسئولون الغائبون وعدم تحديث وتطبيق القوانين على الكبار قبل الصغار هى الأسباب الرئيسية لتمادى الفساد واستقوائه وتحديه للحرب التى تشنها الدولة عليه!!

> أيضا مازال المصريون ورغم ما يقال وينشر ويدعو للأمل والتفاؤل حول نجاح السياسات المالية والاجراءات الاقتصادية ـ وقد أصبحت صفحات الاعلان عن هذا النجاح والاستثمار والبنوك يفوق صفحات المواد الصحفية ـ ولكن المؤكد أن ما يسعد المواطن أن يجد ظلالا لهذه النجاحات تنعكس على الأسعار وعلى قدراته على تحمل تكاليف الحياة. تساءلت كثيرا من قبل هل هناك قراءات جادة لواقع وآلام وظروف الجموع والملايين الأكثر ألما ووجعا، ولماذا لا يتم تقديم إجابات ومصارحات موثقة تطمئنهم على الحاضر والمستقبل؟!

وماذا عما يقال عن سياسات مالية خاطئة كان لديها مصادر متعددة لتمويل الدولة بدلا من الاعتماد على إخراج ما فى جيوب المواطنين ـ مثل 450 مليار جنيه تهربا ضريبيا. لماذا لم تلجأ إلى الضرائب التصاعدية على الثروات التى تكونت على حساب الشعب ـ لماذا لم تطالب بإصلاح القوانين التى تدلل بل تكافئ التهرب والخروج على القانون لماذا لم تفرض ضرائب على جميع المبانى المخالفة وتصادر ثروات من قاموا بقبض أثمان غض البصر عن الثروة العقارية المخالفة والآيلة للسقوط ـ فى الأهرام 13/9/2017 صرح وزير الاسكان بأن 350 ألف عقار تحتاج إزالة منها 70 ألفا بالاسكندرية!! أظن أن هذه النسبة وفقا للقياسات المعروفة لا تتجاوز عشرة بالمئة من الأرقام الحقيقية!!

> رائع أن ننجح فى صنع التوازن واسترداد مكان ومكانة مصر بالخارج، وأنه لا يقل أهمية وروعة عنه دعم هذا النجاح بقوة وصلابة ورشد، ووضوح السياسات بالداخل، وتخفيف جميع أشكال قلق ومعاناة الملايين.

> فى اتصال تليفونى من السيدة وزيرة التضامن الاجتماعى تعقيبا على مقالى الغاضب بسبب ما تعرض له قطاع ضخم من أصحاب المعاشات من صرف استحقاقاتهم قبل عيد الأضحى وكما حدث قبل عيد الفطر ـ بالاضافة إلى عموم الأوضاع الظالمة لما يحصلون عليه من أموال التأمينات والمعاشات بعد أن أفنوا أعمارهم فى خدمة بلدهم والنكسة التى تعرضوا لها بعد تعويم الجنيه واشتعال الأسعار والتضخم ودون قدرة للحكومة للسيطرة على الأسواق، ومصير ما أخذه النظام الأسبق من أموالهم ـ ورغم أن ما قيل عن زيادات فى المعاشات كان حقيقيا ـ ولكن هذه المعاشات وكما تعترف الوزيرة ضعيفة فى الأصل حيث ربطت المعاشات بأصول الرواتب التى لا تتجاوز نسبتها 20%، بينما 80% من الدخول يدخل فى بند المكافآت والاضافات ـ وهو عكس ما يحدث فى العالم حيث تربط المعاشات بأصول الرواتب التى تصل إلى 80% مما يحصل عليه المواطن، بينما لا تمثل الاضافات أكثر من 20% ـ وهو وضع يكشف منذ عشرات السنين كيف استذل وأهين المواطن، من أنظمة سادها النهب والسرقة وتضخم الثروات المحرمة.. وأكدت السيدة وزيرة التضامن الاجتماعى ما سبق وأعلنته أن ما حدث لفئة ضخمة من أصحاب المعاشات قبل عيد الأضحى كان بسبب عقبات قانونية.. وأن أصحاب المعاشات يخضعون لقوانين وضعت فى الخمسينيات والسبعينيات ـ وأن تعديل أوضاعهم ونيل استحقاقهم أصبح ضرورة وواجبا ينتظر قانونا جديدا أعدته الوزارة بالفعل ـ ولا أعرف لماذا تأخر مجلس النواب عن مناقشته وإن كنت أرجو أن يشارك فى المناقشة كل من تصدوا للدفاع عن استحقاقات أكثر من 9 ملايين مواطن، وعلى رأسهم اتحاد أصحاب المعاشات والمتحدث باسمه المناضل البورسعيدى البدرى فرغلى لتلبية مطالبهم وتعويضهم عما تعرضوا له من أضرار وتجاوزات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف