المساء
السيد العزاوى
في رحاب الهجرة النبوية رجال ومواقف خالدة "2"
سوف تظل الهجرة النبوية بكل أحداثها مصدر إلهام لأهل العلم والفكر وبمثابة نبراس لمن أراد متابعة مسيرة دعوة الحق وانها تتواكب مع العصور المتعاقبة فالإسلام بقيمه المستنيرة يبعث في نفوس اتباعه الحيوية والقوة والنشاط وبقوة مبادئه يدافع عن نفسه وأهل العلم يستلهمون أنواره في شتي مجالاته في مسيرة الحياة فتجدد لغة خطابهم بما يتواءم مع العصر الذي يعيشونه ومن يتأمل أحداث الهجرة النبوية والنماذج المضيئة من هؤلاء الرجال الذين استجابوا لدعوة الحق في عصر الجاهلية بكل ظلمات الجهل وعدم التخلي عن عبادة الأصنام وقد تحمل هؤلاء الرجال الذين وقفوا يؤازرون خطوات الدين الحنيف ويرفضون الانضواء تحت دعوة الآباء والأجداد وتحدوا بكفاءة وقوة كانت علي مدي التاريخ صورة مشرفة لأهل هذا الدين الحنيف ومثار الإعجاب والتقدير رغم انهم عاشوا وسط هؤلاء الذين حاولوا بشتي الطرق وقف مسيرة الدعوة المحمدية وستظل المواقف الخالدة لهؤلاء الرجال نماذج مضيئة في تاريخ العرب والمسلمين وقد تحلوا بمكارم الأخلاق وحماية النفس البشرية بين سائر بني الإنسان.
أن العديد من الصفحات لن تكفي إلقاء الضوء في كل ما صادف هؤلاء من عقبات ونوازع نفسيه أو دنيوية رفضوا كل ألوان الإغراء والتعذيب والإيذاء تحدوها ابتغاء رضا رب العالمين الذي أشاد بهم من فوق سبع سماوات وسوف نختار بعض الرجال كنماذج من المهاجرين وكذلك من الأنصار الذين تركوا مسيرة عمل جاد ولم يهابوا أي بطش أو قهر أو جبروت لأن قوة الكفار كانت تعصف بأي إنسان يقف ضد أفكارهم أو يحاول استقطاب آخرين للانضمام لهذه الدعوة ليس هذا فحسب وانما تحدوهم وهددوا كل من يحاول الخروج والهجرة من مكة منطلقاً إلي المدينة المنورة ورغم ان هذا الإخراج كان رغماً عنهم إلا ان هذا الإخراج قد صادف هوي في نفوس هؤلاء الأبطال لأنهم كانوا علي موعد مع القدر تواكب مع بدء مسيرة دعوة الحق والنور والعدل حب الله ورسوله امتلك وجدانهم وامتزج بكيانهم وخالط كل نقطة دم في أجسادهم فاستحقوا عن جدارة وصف رب العالمين لهم بالصدق والإيثار. من هؤلاء الأبطال رجل نذر نفسه وماله وأسرته لخدمة دعوة سيد الخلق محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم انه أبو بكر بن أبي قحافة. انه الصديق الذي ضرب أروع التضحيات والفداء وهب نفسه لله كل ما يشغل باله نصرة دعوة الحق لا يريد بالتضحية سواء بالمال أو الموقف الشجاع مع الرسول صلي الله عليه وسلم أو أي جهد يبذله سوي رضا رب العالمين "وماله من نعمة تجزي إلا ابتغاء وجه ربه الأعلي" مسيرة عطرة. نموذج لكل الإنسانية في التضحية والعمل والإخلاص والجدية انفرد بها أبو بكر الصديق. انه صاحب المال الوفير والقوة بين الأهل وكبار أهل مكة. مواقف الرجل تقطر محبة وفداء ورجولة قلما يجود بها الزمان علي أي رجل. هذا الصديق كان ملازما لرسول الله صلي الله عليه وسلم يستقبله في بيته يرافقه في رحلاته وجولاته ومواجهاته مع أهل الكفر والعناد. لم يتزعزع نتيجة هذه التحديات وإنما كان يزداد قوة عندما يواجه أي تحديات وهذه المواقف الجادة كانت من أهم الأسباب التي جعلت الرسول يختار الصديق رفيقاً له في رحلته يوم الهجرة وكان محيطاً بكل أسرار هذه الهجرة وبالرجال الذين كانوا يرافقون الرسول صلي الله عليه وسلم في يوم الهجرة من مكة إلي المدينة الدليل الذي يقود هذا الموكب النبوي أسرار وأفكار وأعمال تميزت بالسرية والكتمان. انها عبقرية الصديق أبو بكر رضي الله عنه.. وسوف تظل أعماله علي مدي التاريخ نموذجا في العطاء والتضحية والفداء وسوف نتعرف علي المزيد من هذا العمل والعطاء لهذا الصديق وغيره من هؤلاء الرجال الذين سوف نلقي الضوء علي مسيرتهم في لقاءات أخري متجددة بإذن الله وحوله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف