الجمهورية
مصطفى هدهود
احترام الكبير.. وتنظيم الحياة بين أهل الوطن
تمر مصر بل والوطن العربي كله بأخطر المراحل الحياتية. حيث تفشت عدة ظواهر سلبية داخل المجتمع المصري خلال السنوات الخمس وخمسين الماضية وذلك منذ مراحل التأميم في أوائل ستينيات القرن الماضي والتي أدت إلي حصول الدولة علي العديد من ممتلكات رجال الأعمال الصناعية والتجارية واللوجيستية ووسائل النقل والزراعية وإلغاء مبدأ احترام الكبير نظراً لتحول آلاف من هؤلاء الكبار إلي أقزام وظهور طبقات جديدة من الشعب المصري من الذين سنحت لهم الدولة الفرصة في العمل في تلك المنشآت بعد تأميمها وتفشي ظاهرة الحقد والكراهية وعدم احترام الكبير وعلي التوازي ومع تنفيذ قانون الإصلاح الزراعي وامتلك الآلاف من الفلاحين المعدمين أراضي زراعية سواءاً كانت مؤممة أو جديدة ظهرت طبقة جديدة من المواطنين المصريين وخاصة أولادهم واتجاههم نحو التعليم بتشجيع من الدولة وتنفيذ مبادئ مجانية التعليم. وهنا انتشرت ظاهرة عدم احترام الكبير وشعور كل فرد متعلم بأهميته وكبريائه ومساواة نفسه بالكبير الذي كان يمتلك المصنع أو المزرعة أو المؤسسة.
مع مرور الزمن وحدوث نكسة 1967 وحرب 1973 والتوجه نحو تشجيع الاستثمار الخاص وعودته مرة أخري مثلما كان قبل ثورة 1952 وظهور طبقة جديدة من الرأسماليين في مجال الزراعة والصناعة والتجارة الداخلية والخارجية وانتشار فرص رجال الأعمال في مجال الاستيراد والتصدير بعد أن كان محصوراً فقط للشركات التابعة للدولة. تكونت فرص جديدة للعاملين من أهالي قري ومراكز جميع المحافظات التي تتواجد بها مناطق صناعية ومجمعات زراعية وعاد مرة أخري احترام الكبير صاحب رأس المال.
ولكن مع أحداث 25 يناير 2011 عادت مرة أخري ظاهرة عدم احترام الكبير ووقوف آلاف العاملين في المؤسسات الصناعية والزراعية بوقفات احتجاجية والامتناع عن العمل وزيادة سقف المطالبات المالية والخدماتية ووصل الأمر لغلق العديد من المصانع وحبس أصحابها الذين سنحوا لهؤلاء العاملين بمئات الفرص من العمل الشريف.
والخطر الداهم الذي يواجه المجتمع المصري هو تفشي ظاهرة عدم احترام الكبير داخل العائلة الصغري والكبري حيث نجد آلاف الحالات من عدم احترام الابن لأبيه والبنت لأمها وعدم تنفيذ توجيهاتهم وأوامرهم ومخالفتهم في مجال اللبس واختيار الصديق والصديقة وأسلوب المذاكرة وعدم الامتناع عن شرب السجائر وتعاطي المخدرات والأفيون ومصاحبة أهل السوء وعدم الامتناع عن الجنس الحرام.
نري أن استمرا ر وتفشي ظاهرة عدم احترام الكبير سواء داخل الأسرة الصغري أو الكبري أو داخل مؤسسات العمل سوف تؤدي إلي هدم الدولة والوطن وتحقيق مخططات الصهيونية العالمية الشيطانية. خاصة ان عدم احترام الكبير وعدم احترام الأبناء لآراء والديهم أدي إلي تفشي ظاهرة الطلاق المبكر وانفصال الزوجة عن الزوج بعد تكوين أسرة صغيرة من فردين أو ثلاثة وتشتت الأولاد بين الأب والأم وحدوث انتكاسات نفسية لدي الأبناء وانتشار ظاهرة القلق وعدم الانتماء للأسرة والأب والأم وبالتالي عدم الانتماء للوطن والدولة وبالتالي تفشي ظاهرة الأنانية وسهولة اجتذاب الأبناء للجماعات الإرهابية أو الرغبة في الهجرة الخارجية وتفريغ الوطن من الشباب النابغ.
ولذلك نسأل أنفسنا جميعاً ما هو الحل وما هو الأسلوب المطلوب تنفيذه في حياتنا اليومية حتي نقضي علي هذه الظاهرة الخطيرة.
والجواب أن الأب والأم داخل المنزل وخارجه وأثناء عملهم لهم الدور الأول والوحيد لتربية أبنائنا علي أهمية احترام الكبير والبعد عن الأنانية وتحمل المشاق والتزود بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا والتمسك بالدين والأخلاق.
يجب علينا جميعاً أب وأم وجد وجدة أن نعيد أولادنا لأحضاننا. ونقلل اعتمادهم علي أصدقائهم. الموضوع خطير جداً جداً وعواقبه وخيمة علي الوطن والدولة. يجب أن يعرف كل إنسان طوال حياته مستواه المالي والاجتماعي وأنه لابد أن يكون في أي مجتمع الشخص الصغير والمتوسط والكبير وأن يبغي كل مواطن أن يكبر ولكن بأسلوب شريف وبعيد عن الرشوة والتسول وارتكاب الفحشاء وسلوك طريق الفساد المالي والأخلاقي.
وعلي التوازي يجب علي الكبير أن يتعامل مع الصغير سواء كان أولاده وأحفاده أو زملاءه في العمل بمبادئ الحب والمساواة وأن نساعد جميعاً صغيراً وكبيراً علي تنظيم الحياة داخل المجتمع في أجواء يسيطر عليها المحبة والإخاء والرضا والقناعة والسلام الاجتماعي.
وأخيراً أناشد كل ابن وابنة باحترام الكبير سواء أكان داخل الأسرة أو الدراسة أو الجامعة التي يدرس فيها أو المؤسسة التي يعمل فيها.
لن يتم بناء الوطن السليم إلا بالاحترام المتبادل بين الكبير والصغير. ارجعوا إلي مبادئ الإسلام الراسخة وأسلوب أوائل المسلمين وحبهم لبعض واحترامهم للكبير ارجعوا للعائلات الأصيلة بالصعيد والدلتا وأسلوب الحياة البدوية والاعراب في سيناء والواحات وسيوة ومطروح.
كلنا سنموت ونترك الدنيا ولكن يجب أن نبني الأوطان علي أسس سليمة وأخلاق حميدة وكل شيء زائل ما عدا دورنا الإيجابي تجاه الوطن خلال فترة تواجدنا علي الأرض.
كلي أسي وحزن عندما أري عدم الاحترام المتبادل بين الكبير والصغير ووصولنا لأسوأ الأحوال حينما نري الابن يعنف أباه بل ويقتله علي أسباب هايفه والأب يجلد ابنه حتي الوفاة. أين نحن الآن. ما هي تلك المصيبة التي نتواجد فيها حالياً. تحركوا جميعاً لبث روح المحبة والاحترام واحترام الصغير للكبير والبعد عن البغضاء والفحشاء.
يا سادة الوطن والشعب والعنصر البشري المصري في خطر داهم إذا لم نحل هذه المشكلة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف