المصريون
د . جمال المنشاوى
من ينقذ 9 ملايين طفل من قانون (عمو..بابا)!
في كل2 دقيقة و40 ثانية تحدث حالة طلاق جديدة في مصر, ومن هذا الوقت بالذات يضاف أطفال جدد إلي 9 مليون طفل يعانون من القلق والتشوه النفسي, والاضطراب السلوكي, ويصبحون قنابل موقوتة مهيأة للإنفجار في وجه المجتمع في أي وقت, فإما أن يٌصبحِوا مٌدمني مخدرات, أو إرهابيين, أو أطفال شوارع, أو مرتشين , وينجو من هؤلاء القليل, وقضية الطلاق في مصر تشكل كارثة حقيقية بعد أن أصبحت مصر الأولي في العالم في نسبته ,أكثر من 52% ,وهو الشعب الذي نتفاخر به دائماً ونقول عنه (شعب مؤمن بطبعه)!,ولا نستطيع في هذه العجالة أن نحدد ونعدد أسباب الطلاق ,فمنها الأحوال الإقتصادية الصعبة وضيق ذات اليد لكثيرِ من الشباب بل والكبار الذين تتأثر أعصابهم بهذا الضغط المستمر لتوفير حاجة بيوتهم مع كثرة المغريات أمام أولادهم والمقارنة بينهم وبين أقرانهم, مما يجعل عائل الأسرة في صراع داخلي وضغط عصبي يصل به إلي إنهاء هذا الملف الذي لا يستطيع الوفاء بإلتزاماته, أو يدفع الزوجة للخروج من هذا الضيق بطلب الطلاق ظناً منها أنها ستستطيع العيش بطريقةِ أحسن, ومنها انتشار القنوات الفضائية ومواقع الشات, فيندفع أحد الطرفين الزوج أو الزوجة في علاقات غير شرعية يتم كشفها بعد ذلك ويترتب عليها الطلاق, أو عدم فهم الجيل الجديد من الشباب والشابات لفلسفة الزواج وتكاليفه الأسرية من الصبر علي الشريك والوقوف بجانبه إذا ضاقت به الحال وأنه ليس كله خيال وغرام وفسح وأكلات من التيك أواي, فيصطدموا بالواقع المر, ويسقطوا عند أول اختبار, ومنها انحياز القوانين الجديدة التي سنتها ودعمتها جيهان السادات بما يعرف (بقانون جيهان) وتبعتها سوزان مبارك بما يعرف (بقانون سوزان), واللذان تضافرا علي النظر فيما يطالب به مجموعة من النساء أصحاب دعوى أن مجتمعنا مجتمع ذكوري, وأن المرأة مظلومة, ومهضومة الحقوق, فاستصدروا قانون الخلع (الذي له أساس شرعي) ولكن أُسئ استغلاله فأصبح الرجل مهدداً في كل لحظة من المرأة (حاغلعك) بدلاً من مقولته القديمة (حاطلقك), كذلك رفع سن الحضانة إلي 12 سنه للولد و15 سنه للبنت, وهو وقت كافٍ لكليهما لنسيان الأب الذي لا يراهم حسب قانون الرؤية إلا 3ساعات في مكان ٍ عام, غير كافية إطلاقاً ليرتبط الأولاد بأبيهم, أو يحسوا منه بالحنان أو العاطفة أو التوجيه, بل يصبح مجرد زائر مؤقت وقد لا يعرفه كثير من الأولاد الصغار فينادونه بـ(بابا عمو ), (بابا) لِأنهم أخبروه أن هذا بابا, (وعمو) لإنه لا يقيم معهم ولا ينامون في حضنه ولو يوماً في الأسبوع بل يرونه في النادي أو قسم البوليس أو مركز الشباب المُحاط بالأسوار, كذلك من حق الحاضنة الإقامة في شقة الزوجية طوال مدة الحضانة يعني حتى 15 سنه للبنت, والشقة في مصر تمثل للرجل مجهود سنين طويلة من العمل المتواصل إذا كانت تمليكاً, وكان يكفي في القانون أن ينص علي حق المرأة الحاضنة في توفير سكن لها ولأبنائها تمليك أو إيجار حسب إستطاعة الرجل ودون تعسف منه بإيجار شقة لها في مكان غير ملائم لمستوي معيشتها السابقة كنوعٍ من التنكيل بها, كذلك السماح للمرأة بالسفر دون إذن الزوج مما فتح أبواباً كثيرة من الفساد والتجاوز, كذلك رفع سن الزواج للبنت إلي 18 عاماً, مع إن سوزان ثابت تزوجت حسني مبارك وعمرها 18 وعمره 31سنه , مما أدي إلي زيادة نسبة الزواج العرفي غير الموثق عند المأذون وبالذات في القرى ,وذلك كله تنفيذا لوثيقة السيداو التي تلغي قوامة الرجل وتحفز المرأة علي عدم العمل بالمنزل لأنه بغير أجر وحق المرأة في التمتع بجسدها, وإلغاء عدة المطلقة, وأباحت العلاقات غير المشروعة حتى في سن الطفولة بل طالبت الدول الموقعة عليها بتحديد حد أدني للممارسة الجنسية, كذلك أكملت مؤتمرات بكين للسكان1994و1995 تلك المنظومة ففتحت مجالاً كبيراً للفساد الأخلاقي مثل إباحة زواج الشواذ, وتسجيل الطفل المجهول الأب باسم عائلة الأم, وإباحة العلاقات غير الشرعية للبنات القاصرات, بما يدمر الأسرة المسلمة بل قل الأسرة الشرقية, إذن فلا عجب مما حدث في مصر من ارتفاع نسب الطلاق وبداية انهيار المجتمع بتفتيت كيانه الرئيس وهو الأسرة والبيت, والحل يكمن في عودة سن الحضانة لـ 7و 9سنوات كما كان في السابق, تغيير قانون الرؤية لاستضافة الصغير يومان في الأسبوع وأجازات الأعياد ونهاية العام, بما يتيح له رؤية أجداده من أبيه وأعمامه وعماته وأولادهم بما يوثق العلاقات الأسرية وينهي حالة قطيعة الرحم الموجودة الآن ويعاني منها الطفل, تقليل سن الزواج إلي 15عاماً بما يقلل من فرص الزواج العرفي, تغيير قانون الحضانة بحيث يسمح بنقلها للطرف ألأخر أي الأب , إلغاء قرار السماح للزوجة بالسفر دون إذن الزوج, كذلك النظر في أمر نفقة الطفل التي لا تتناسب مع غلو الأسعار ولا تكفي أحداً أو تسد رمقاً, إذ تحكم أغلب المحاكم بـ 200 جنيه نفقة شهرية له لا تشتري صندلاً ,قد تكون هذه مقترحات لتقليل أضرار القانون الحالي لكن يبقي أن نعالج أسباب الطلاق لأنه الأصل في هذا البلاء, حتى نتجنب الأثار المدمرة له ,وحتى لا نسمع طفلا ينادي أباه بـ(عمو بابا )!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف