المساء
خالد امام
.. وبدأت "سايكس بيكو ـ 2" العراق أولاً.. وما خفي أعظم
الاستفتاء علي استقلال كردستان والمحدد له الاثنين القادم 25 سبتمبر ليس له سوي مسمي واحد.. ان المؤامرة الصهيونية "سايكس بيكو ـ 2" لتفتيت الوطن العربي بدأت فعلاً.. وان العراق هو البداية وان ما خفي سيكون أعظم .. !!!
ومن المؤكد ان هذا الاستفتاء ستتلوه إجراءات أخري يتم بمقتضاها تقسيم أرض الرافدين إلي 3 دول علي أساس طائفي وعرقي "كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب" ليبدأ بعد ذلك تطبيق النموذج العراقي في باقي دولنا.
الاستفتاء الكردي مرفوض محليًا واقليميًا ودوليًا.. العراق يرفضه لأنه ينتهك حدود الدولة ويفتت وحدتها. والدول العربية ترفضه لأنه يسقط دولة كبيرة ويحولها إلي دويلات ضعيفة ومتصارعة مذهبيًا وعرقيًا وتتقاتل علي الموارد الطبيعية خاصة ان المناطق السنية بوسط العراق فقيرة وعانت من التهجير والنزوح فضلاً عن ازدواجية التعامل مع أبناء الوطن الواحد في حين ان الشمال والجنوب غنيان بالنفط والثروات المعدنية كما ان رضاءنا باستقلال كردستان و موافقة صريحة منا بتنفيذ نفس الشيء في باقي الدول العربية. والعالم كله يرفض الاستفتاء لأنه سيكون نموذجًا قابلاً للتطبيق في إيران وتركيا وأوروبا التي بها أكراد بالملايين سوف يطالبون هم الآخرون بالاستقلال عن دولهم.
الدولة الوحيدة التي تؤيد استقلال كردستان هي إسرائيل لأنه أحد بنود مؤامرتها الكبري بعد "ثورات الربيع العبري" لتقسيم الوطن العربي ومن ثم تسيطر تل أبيب علي المنطقة العربية وعلي ثرواتها الهائلة وعلي ممرات التجارة العالمية وتضمن البقاء الآمن بلا منازع.
إسرائيل تؤيد استقلال كردستان غير الشرعي في الوقت الذي تحرم الفلسطينيين من حقهم الطبيعي في اقامة دولتهم المستقلة علي أرضهم المغتصبة.. المسألة ليست مباديء أو وقوفًا إلي جوار الشعوب وحقوقهم إن كانت حقوقًا ولكنها تتعامل بمعايير مزدوجة في بجاحة ووقاحة وبلا خجل وفق مصالحها الخاصة فتؤيد أمرًا وترفض مثيله في ذات الوقت.. هكذا هي إسرائيل.
لقد بدأت نعمة التقسيم تظهر للوجود دون الإعلان صراحة عن اجتزاء أرض من الدولة أو إعلان استقلالها بل تحت عنوان "أقاليم فيدرالية".. وكانت الخطة أن يتم تقسيم العراق إلي 7 أقاليم "2 للأكراد في الشمال و2 للسنة في الوسط والشمال الغربي و3 للشيعة في الجنوب والعراق الأوسط وجنوب بغداد وشرقها".. ثم دخلت الخلافات حيث طلبت البصرة أن يكون اقليمًا بذاته.. وبعد أن فشلت فكرة الأقاليم السبعة.. ظهرت فكرة الاستقلال والانفصال صراحة الذي تسير فيه كردستان عمليًا الآن بتجديد موعد للاستفتاء وعلم للدولة وجواز سفر وعملة جديدة باللغة الكردية.. فماذا يتبقي من عراقية كردستان.. ؟؟
إذا كان الدستور العراقي ينص صراحة علي ان العراق دولة اتحادية فيدرالية عاصمتها المركزية بغداد.. وان بغداد لا تتبع أيًا من الأقاليم.. وان المادة "115" من الدستور تنص علي حق كل محافظة أو أكثر في المطالبة بتشكيل اقليم وفق ضوابط وشروط محددة.. فإن الفرق شاسع وفي حجم المجرة الكونية بين التقسيم الذي يقتطع جزءًا من الوطن الأم ويجعله دولة مستقلة ذات سيادة وتكون عضوًا في الأمم المتحدة مثلما حدث في جنوب السودان وبين الفيدرالية علي أساس أقاليم أو ولايات تحت علم واحد وعاصمة واحدة ونشيد واحد ورئيس واحد وإدارة واحدة وجواز سفر واحد ومقعد واحد بالأمم المتحدة مثلما هو موجود في أمريكا مثلاً.
إسرائيل هي عدونا الحقيقي وهي وراء الإرهاب والفوضي وكل كارثة نتعرض لها.. وهدفها الحالي تدمير العراق وتفتيته إلي دويلات متصارعة ومن ثم لا تريدها دولة فيدرالية موحدة تحت اسم واحد وعاصمة واحدة وعلم واحد ونشيد وطني واحد وعملة واحدة باللغة العربية ولها مقعد واحد في الأمم المتحدة.. إسرائيل تريد العراق عبارة عن "ضيعات" مذهبية وعرقية ضعيفة.
من المؤكد ان أحدًا لن يسكت علي هذا الوضع المدمر والفكر الشاذ ولابد من مواجهته بمنتهي القوة لإجهاضه.. وإلا انتظروا ما لم يكن في الحسبان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف