الدستور
اللواء حمدى البطران
رياح سبتمبر
فى أوائل سبتمبر، سنة ١٩٧٠، اجتمع السادات مع قيادات الإخوان المسلمين فى منزله أكثر من مرة، وكانت هذه الاجتماعات بتوجيهات من الرئيس جمال عبدالناصر، وامتدت جلسة الاجتماع لمدة سبع ساعات، انصبت كلها على نقدٍ شديدٍ لاتجاهات الدولة.. كان نقدًا بنّاءً، وكانت تعقد تلك الاجتماعات بعيدا عن أنظار على صبرى، رئيس الوزراء، وشعراوى جمعة، وزير الداخلية، فى ذلك الوقت.
فى ١٠ سبتمبر ١٩٧٠، شعر الرئيس جمال عبدالناصر ببوادر ذبحة صدرية.. وفى ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠، توفى متأثرا بالذبحة الصدرية.. ثم تولى السادات السلطة.. وفى ١٧ سبتمبر ١٩٧٨ وقّع السادات اتفاقية السلام مع إسرائيل.. وفى ٢ سبتمبر ١٩٧٩ اغتيل القس غبريال عبدالمتجلى، كاهن كنيسة قرية التوفيقية بسمالوط، محافظة المنيا، ووقعت صدامات عنيفة بين المسلمين والأقباط، استخدمت فيها الأسلحة النارية، وتدخلت قوات الأمن، وفرضت حصارا أمنيا، وقبضت على المتهمين، وقدمتهم للمحاكمة.
ومع حلول عام ١٩٨١ بدا الرئيس السادات أكثر ارتباكًا يوم ٥ سبتمبر ١٩٨١ فى الاجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى، بمناسبة بداية الفصل التشريعى. أعلن فيه إلغاء قرار تعيين البابا شنودة بطريركا للأقباط، وتعيين خمسة بدلا منه لإدارة شئون الكنيسة.
ففى ١٤ مايو ١٩٨١ ألقى الرئيس أنور السادات خطابا سياسيا بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة التصحيح والانتصار على مراكز القوى، أعلن فيه أن المعلومات المؤكدة لديه تبين أن البابا شنودة الثالث يعمل من أجل إنشاء دولة فى الصعيد ابتداء من أسيوط وحتى آخر الصعيد، وكان الانفعال واضحا على الرئيس، وهو يتحدث إلى ملايين المصريين الذين يستمعون إليه.
وكان من نتائج هذا الغضب أن أجهزة الأمن منعت البابا من إلقاء درسه الأسبوعى، وكان رد البابا هو التصعيد، فأصدر قرارا بعدم الاحتفال بالعيد فى الكنيسة، وعدم استقبال المسئولين الرسميين الذين يوفدون من قبل الدولة عادة للتهنئة، وهو ما يوحى بوجود أزمة مستحكمة بين الدولة والكنيسة.. وأعلن البابا أن رفض الاحتفالات جاء احتجاجا على اضطهاد الأقباط فى مصر، وكانت هذه المرة هى الوحيدة التى يقر فيه البابا علانية بوجود اضطهاد للأقباط فى مصر، ولم يفعلها بعد ذلك مطلقا.
كما لم يتأخر البرلمان عن التأييد، وشكل لجنة خاصة لمناقشة خطاب السادات، وأشادت اللجنة بالسياسة التى يتبعها الرئيس السادات لمعالجة الفتنة الطائفية.
وفى ٢٣ سبتمبر ١٩٨١ أجرى الرئيس السادات حديثا مع مراسل تليفزيون N.B.C أعلن فيه أنه سيقوم بإرسال الأسلحة والمعدات إلى ثوار أفغانستان الذين يقاتلون السوفييت، لأنهم مسلمون، ويواجهون متاعب بسبب عقيدتهم الإسلامية، وأعلن أن عمليات شحن الأسلحة على متن الطائرات الأمريكية قد بدأت.. وكانت الأسئلة التى توجه للرئيس كلها تتحدث عن التوتر والتصعيد.
وفى حديث للرئيس السادات يوم ٢٣ سبتمبر ١٩٨١ مع التليفزيون الأمريكى، ونشرته الصحف المصرية، وجه المذيع سؤالا للرئيس السادات عما إذا كان قد تم العثور على أسلحة فى بعض المساجد أو الكنائس فى عمليات القبض التى تمت؟، وأجاب الرئيس بأنه لم تضبط أسلحة فى المساجد أو الكنائس، ولكن كانت هناك اجتماعات فقط، ولكن لا وجود للأسلحة!
وكانت خلاصة هذا كله، مع عوامل أخرى، اغتيال الرئيس السادات يوم ٦ أكتوبر، واغتيال السلام، يوم ٦ أكتوبر.. وتسلم مصر الرئيس حسنى مبارك فى وقت عاصف، وسلمها أيضا فى وقت أكثر عصفا وارتباكا، يوم ١١ فبراير ٢٠١١، بعد ثلاثين عاما.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف