المصرى اليوم
ياسر أيوب
أزمة مصر والرياضة المصرية (2)
كتبت هنا أمس عن أزمة إدارة الرياضة المصرية، وكيف عاشت مصر هذه الأزمة منذ عام 1910 بكل التناقضات والغرائب وتضارب الأفكار والمصالح وصراع الأهواء والمطامع.. ولاأزال أكتب عن الدولة المصرية أو الحكومة التى قررت عام 1927 أن تنهض بالرياضة فقررت تأسيس لجنة تصبح هى المسؤولة وحدها عن إدارة كل شؤون الرياضة فى مصر.. وبالفعل تأسست هذه اللجنة التى حملت اسم لجنة الرياضة البدنية وأصبحت تابعة لوزارة المعارف، وقيل وقتها تفسيرا لذلك إن الرياضة نشاط للأطفال والصغار، وبالتالى تتبع وزارة المعارف أو التعليم بكل مدارسها وجامعاتها.. وفى عام 1934 شعرت الحكومة بأن لجنة الرياضة البدنية ليست هى الحل الأمثل لإدارة شؤون الرياضة فى مصر.. فكان القرار الجديد هو تأسيس لجنة جديدة اسمها اللجنة الأهلية لإدارة الرياضة المصرية.. ولم يهتم أحد وقتها بالتساؤل عن الفارق بين لجنة الرياضة البدنية واللجنة الأهلية لإدارة الرياضة..

فالواقع بقى كما هو حتى إن تغيرت الأسماء والألقاب والشخوص.. تماما مثلما لم يعرف أحد الفارق بين مجلس أعلى للشباب والرياضة ومجلسين قوميين أحدهما للرياضة والآخر للشباب، ثم تحول المجلسان إلى وزارتين، ثم فجأة تصبح وزارة واحدة للرياضة وللشباب أيضا.. كل ذلك ولا أحد يعرف ويفهم أو حتى كان من حقه التساؤل عن التفسير ودواعى كل هذه التغييرات وكل هذه الأسماء.. التفسير الوحيد الذى قيل منذ عام 1927 كان ما قاله خالد عبدالعزيز، وزير الرياضة والشباب الحالى، بعد صدور قانون جديد للرياضة فى مصر حين شرح لماذا: قررت الدولة فى عام 2017 أن تدير اللجنة الأوليمبية المصرية وحدها شؤون الرياضة فى مصر.. وقال الوزير إن الدولة المصرية اعترفت أخيرا بالرياضة كنشاط أهلى لن تتدخل فيه الدولة أو تديره بنفسها.. وهو كلام رائع بالتأكيد وسيلقى التصفيق والإعجاب والاحترام حين يقال أمام أى أحد.. لكنه على الأرض سيبقى مجرد كلام.. ولا فارق حقيقيا بين قرار الدولة عام 1927 بتأسيس لجنة أهلية لإدارة شؤون الرياضة فى مصر أو قرار الدولة عام 2017 بأن تتولى اللجنة الأوليمبية لمصرية وحدها إدارة شؤون الرياضة فى مصر.. وكل ما بين اللجنتين من لجان أخرى ومجالس عليا وقومية ووزارات طيلة تسعين سنة.. فالدولة منذ أدركت أهمية الرياضة عام 1927 قررت السيطرة على كل هذا النشاط وإدارته بنفسها أو بمن ينوب عنها.. فقبل عام 1927 كانت الرياضة بالفعل نشاطا أهليا يديره أصحابه والمهتمون به بعيدا عن قصر السلطان والحكومة والسفارة البريطانية.. ثم بدأ المندوب السامى البريطانى ينتبه للرياضة ويسعى للسيطرة عليها، بعد ما قامت به الرياضة أثناء الحرب العالمية الأولى وثورة 1919.. وأيضا لطرد كل الخواجات والأجانب الذين كادوا يسرقون الرياضة المصرية من الإنجليز الذين يحكمون مصر بقوة السلاح.. ورأت الدولة أن الرياضة هى المجال الوحيد المتاح أمامها لتمارس فيه دورها السيادى.. فكانت كل هذه اللجان والألقاب والأدوار الزائفة لتبقى الدولة هى التى تدير بنفسها الرياضة المصرية حتى ولو من وراء ستار.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف