الجمهورية
سامح محروس
في مسألة عودة الشوري
مصر دولة ذات تاريخ برلماني ونيابي عريق. فقد عرفت أرض الكنانة الحياة البرلمانية منذ عام 1866 عندما تأسس مجلس شوري النواب في عهد الخديو إسماعيل عاشق مصر الذي كان يحلم بأن تكون قطعة من أوروبا..
ولم تكد تمضي 7 سنوات علي بداية تشكيل أول برلمان مصري. حتي خطت الحياة النيابية خطوة أوسع بكل المقاييس حين تقرر أن يتكون البرلمان من غرفتين أو مجلسين اعتباراً من عام 1883 بصدور القانون النظامي وتشكل بمقتضاه البرلمان من غرفتين أو مجلسين هما: مجلس شوري القوانين. والجمعية العمومية..
وسارت الحياة النيابية في مصر منذ ذلك التاريخ قائمة علي برلمان يتشكل من مجلسين. وإن اختلف مسماهما طبقاً لما ينص عليه الدستور في كل فترة زمنية.. ففي دستور 1923 تكون البرلمان من مجلس الشيوخ ومجلس النواب. ونص علي أن يكون جميع أعضاء النواب منتخبين. بينما ينتخب ثلاثة أخماس مجلس الشيوخ. ويعين الخمسان.
عقب ثورة يوليو وتحديدا في عام 1956 صدر الدستور الجديد وألغي نظام المجلسين. وعاد البرلمان ليتشكل من غرفة واحدة سميت وقتها باسم "مجلس الأمة" الذي تشكل لأول مرة في 22 يوليو 1957 وظلت فكرة البرلمان ذي الغرفة الواحدة مستمرة حتي مع دستور 1971 إلي أن جري تعديل جزئي علي هذا الدستور في عهد الرئيس الراحل أنور السادات سنة 1980 وعاد البرلمان ليتشكل من غرفتين هما: مجلس الشعب ومجلس الشوري.. وهو النظام الذي ظل ساريا حتي صدر دستور 2014 الذي عاد بالبرلمان ليصبح غرفة واحدة وهي مجلس النواب.
الشاهد في كل ما سبق أن فكرة وجود مجلسين أو غرفتين للبرلمان ليست جديدة علي الحياة السياسية المصرية التي عرفتها منذ أكثر من 134 سنة.. وهي فكرة تتسق مع تطور عالمي تشهده النظم السياسية في أغلب دول العالم التي تميل لتوزيع الأدوار والاختصاصات علي غرفتين للبرلمان كما هو الحال في الولايات المتحدة حيث يتشكل الكونجرس من مجلسي الشيوخ والنواب. وفي بريطانيا: مجلسي اللوردات والعموم..
واليوم تظهر دعوات عديدة تطالب بإعادة مجلس الشوري للحياة السياسية مرة أخري. وأعتقد أنها دعوات تستحق اهتماما وبحثاً جاداً. فإذا كان مجلس الشوري قد ألغي بدعوي أنه لم يكن له دور فاعل في الحياة السياسية قبل ثورة يناير 2011 فالعيب لم يكن في المجلس ولا أعضائه. وإنما كان في النظام السياسي الذي لم يمنحه الفرصة ليقوم بدوره. ودستور 1971 وتعديله الذي حصر كل مهمته في اقرار القوانين المكملة للدستور دون أن يمنحه حق مراقبة الحكومة وإقرار الاتفاقيات التي تبرمها مع الدول المختلفة.
الدستور ليس قرآنا ولا إنجيلاً بحيث لا تجوز مراجعته. فالنص الدستوري يبقي دائماً موضع مراجعة طبقاً لمستجدات الحياة في المجتمع. وما تفرزه من ممارسات. وأعتقد أننا في حاجة إلي حوار مجتمعي عاقل وموضوعي وجاد حول فكرة إعادة مجلس الشوري للحياة السياسية مرة أخري ليكون له دور فاعل يثري المجتمع ويحقق طموحاته وآماله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف