الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. كان كتيباً لا غني عنه
الكتيب الصغير في حجم الكف الذي كنا نصدره قبل بدء الدوري كل عام.. لم يكن من أجل الجماهير فقط التي يهمها معرفة مواعيد مباريات الموسم كله والملاعب التي ستقام عليها المباريات ثم يكتبون النتائج.. وكثيرون جداً كانوا يحتفظون بالكتيب بعد نهاية الموسم.. وكان هذا هو سر التوزيع الرهيب لهذا الكتيب وهذا هو سر تنافس المعلنين علي حجز أماكن فيه.. والإيراد كله لاتحاد الكرة.. إيراد البيع والتوزيع وإيراد الإعلانات.
وهناك من يستفيد من هذا الكتيب أكثر كثيراً من الجماهير الهواة!!!.. هم المدربون.. المدرب سيعرف رأسه من رجليه طوال الموسم..
مدرب النادي يمسك الكتيب ويأخذ منه في أوراق خارجية كل مواعيد مبارياته طوال الموسم.. يعرف المدرب اسم النادي الذي سيلاقيه في الساعة كذا يوم كذا الموافق شهر كذا.. علي ملعب كذا.. قبل موعد المباراة بكثير.. وتليه مباراة كذا مع نادي كذا.
أكبر خدمة يقدمها الكتيب هي التي يقدمها للمدرب المحترف الحريص علي الفوز وأداء موسم ناجح.. وعادة المدربون يحتفظون بأكثر من نسخة نظراً لأهمية الكتيب القصوي بالنسبة لهم.
***
إداري الفريق "الشاطر" ـ عم عبده البقال مثلاً ـ يهمه جداً هذا الكتيب أيضاً.. سيعرف المباريات التي ستقام علي أرضه فيستعد لها.. حجرات الملابس وأرضية الملعب وأعمدة النور إذا كانت المباراة ليلية.. مثلاً.. ثم الإداري سيعرف عدد المباريات الخارجية طوال الموسم.. هل تستحق تأجير أتوبيس طوال الموسم أم الموضوع لا يستحق.. ويتم تأجير الأتوبيس لكل مباراة.. كان هناك في العباسية زمان قوي جراج عم "النرش" في شارع القبة الفداوية ملك تأجير الأتوبيسات لكل الأغراض لا أعتقد أنه مازال موجوداً فقد كان الجراج يشغل مساحة ضخمة تكفي لبناء عدة عمارات.
***
في نهاية الكلام عن كتيب الدوري العام.. سأقول لك: مفاجأة.
كنا مازلنا في مقر اتحاد الكرة القديم في شقة واسعة جداً في عمارة 8 شارع الشواربي في وسط البلد قبل أن يبني المشير عبدالحكيم عامر المبني الجديد فوق ملاعب تنس النادي الأهلي.. أصدرنا أول كتيبات في المبني القديم.. تصور أن كانت هناك خانة مكتوب بها اسم الحكم!!!!.. إذا لم تصدقني اسأل المخضرمين معنا في هذه اللعبة الشعبية المجنونة!!!!
كانوا يختارون الحكام لكل مباراة قبل بداية الموسم.. ونسجلها نحن في خانة هامشية أمام كل مباراة.. كان هذا ممكناً أيام الأخلاق الحميدة والقيم والمثالية.. وللحق والإنصاف كان هذا ممكناً في الجو السائد زمان بوجود عدد من الحكام الشوامخ الكبار.. فكان الموضوع سهلاً خلاف ما تظن.. مثلاً حسين إمام كان يدير كل مباريات الأهلي والزمالك رغم أن شقيقه يحيي إمام حارس مرمي الزمالك وظل يحكم مباراة القمة.. بعد اعتزال يحيي إمام ولعب ابنه حمادة إمام.
كانت هناك المحبة وتضافر اليد والقلب.. مع الحب والأخوة تجمع كل من بالاتحاد "القديم".. كان اللاعبون يتمنون أن يدير مبارياتهم بعض الحكام خفيفي الظل الذين يحولون المباريات إلي كوميديا ضاحكة طوال تسعين دقيقة.. أشهرهم إسماعيل كاسب وعزت الهواري خير من يشتمون ويسبون اللاعبين بألفاظ متداولة خارجة جداً والكل يضحك طوال تسعين دقيقة.
***
كل سنة وأنتم طيبون.. الدنيا تغيرت.. أصبح اختيار الحكم مشكلة وصداع قد تصل إلي المحاكم.. وأصبح الاختيار في آخر لحظة دون إعطاء فرصة للحكم لكي يسخن نفسه بالجري في الصباح قبل المباراة في أحد الأندية.. قارن هذا بالحكم الذي عرف قبل بداية الموسم كل المباريات التي سيديرها فيستعد لها!!! يسألونني: ماذا جري لنا ولماذا؟؟.. أقول لهم المال الحرام هو سبب كل ما يحدث لنا الآن!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف