الوطن
د. محمود خليل
سؤال المشاركة فى الانتخابات
الأحاديث عن الانتخابات الرئاسية المقبلة آخذة فى التواتر. هاشتاج «هننتخب السيسى تانى» تصدّر موقع «تويتر»، والجدل على أشده حول الموضوع. حمدين صباحى الذى سبق وترشح فى انتخابات 2012 و2014، أعلن عبر حوار مع قناة «بى بى سى» أنه لن يترشح لانتخابات 2018، ونوه إلى مجموعة من الأسماء التى يمكن أن تكون بديلاً له، وحدّدها فى: السفير معصوم مرزوق، والمحامى خالد على، والمستشار هشام جنينة. وأكد أن التيار الداعم لمرشح منافس للرئيس عبدالفتاح السيسى لم يستقر على أحد تلك الأسماء الثلاثة بعد. فى الدورة الثالثة لمؤتمر الشباب سُئل الرئيس عن مسألة ترشّحه من جديد فى الانتخابات الرئاسية، فأكد أن سؤال الانتخابات المقبلة يتعلق بنزول المواطن للإدلاء بصوته، ونسبة المشاركة فى تفاعلاتها.

بالفعل، أجد أن سؤال المشاركة فى الانتخابات الرئاسية 2018 هو السؤال الأهم والأجدر بالطرح. تعلم أن نسبة المشاركة فى انتخابات 2014 لم تكن مُرضية بالدرجة الكافية للمتابعين. ولعلك تذكر حجم الإقبال المتوسط على لجان الإدلاء بالصوت، وصرخات الإعلاميين حينذاك تحريضاً للمصريين على النزول والمشاركة، تذكر أيضاً أنه تم تمديد التصويت ليوم ثالث لتُتاح الفرصة لعدد أكبر للإدلاء بالصوت، لتبلغ نسبة المشاركة فى ختام الانتخابات (47%)، طبقاً لما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات. لا يستطيع أحد أن يغفل الظروف التى أحاطت بمصر منذ ثورة 30 يونيو 2013، والشهور التالية لها حتى إجراء الانتخابات، وقد أثرت بصورة أو بأخرى على حجم المشاركة، والأهم أن كثيراً من الناس كانوا يعلمون أن النتيجة محسومة سلفاً لصالح الرئيس السيسى، فتكاسلوا عن المشاركة.

الأمر بالنسبة لانتخابات 2018 يبدو أكثر تعقيداً، فالمنافسة تكاد تكون غائبة، ولا يخفى عليك أن وجود منافسة حقيقية يؤدى بالبداهة إلى ارتفاع نسبة المشاركة. وإذا كان الأستاذ حمدين صباحى لم يفلح فى أن يكون منافساً حقيقياً فى انتخابات 2014، رغم أنه حصد المركز الثالث فى انتخابات 2012، فهل من الممكن أن نتوقع أن يفعل غيره شيئاً؟. لست أشكك فى قدرات أىٍّ من المنافسين، على العكس تماماً فجميعهم له عذره، فحين تغيب السياسة، من الطبيعى أن يتراجع هامش المنافسة، وتصبح النتيجة تحصيل حاصل، وهو أمر يؤثر بالضرورة على حجم المشاركة.

عامل مهم آخر لا بد من أخذه فى الاعتبار ونحن نُحلل النسب المتوقعة لمشاركة المصريين فى انتخابات الرئاسة المقبلة، يتعلق بحالة التبرّم والضجر التى أصابت الكثيرين جراء تعقّد الظروف المعيشية بعد الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة، ودفعت فاتورتها الطبقة الوسطى على وجه التحديد، وهى الطبقة الأكثر مشاركة فى الانتخابات. الغلاء فى حد ذاته لا يمثل مشكلة إذا كانت عجلة الاقتصاد تدور والمواطن يجد ما يربحه، لكن المشكلة أن الحكومة طارت فى مسألة الإصلاح الاقتصادى بجناح واحد، يتمثل فى الإصلاح الهيكلى، وأهملت جناح تنشيط عجلة الاقتصاد، على الأقل لحماية الأسواق من حالة الركود الذى أثر بالسلب على الكثير من المشروعات، فعقّد معيشة الكثيرين أكثر مما هى معقّدة. تقديرى أن الأشهر المقبلة تستدعى من السلطة تحريكاً أكبر لعجلة الاقتصاد، وتفعيل ثمار المشروعات القومية فى حياة المواطنين بشكل ملموس.. وإلا فسوف يلتحم موضوع «غياب السياسة» مع مسألة «غياب الاقتصاد» ليضعا الانتخابات المقبلة فى «مأزق مشاركة» حقيقى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف