الوطن
نشوى الحوفى
بين مسلمى «الروهينجا» و«اليمن» والإنسان
توقفت كثيراً أمام تحذيرات الأمم المتحدة المتكررة بين الحين والآخر منذ عامين مما يحدث فى اليمن غير السعيد بمصالح قياداته وولاءاتهم القبلية والإقليمية وحروب الوكالة به لصالح من أراد محو أسامينا بلداً تلو الآخر من على الخريطة. ثم جاءت أحداث بورما وصراعها المتكرر مع أقليات عدة، من بينها الروهينجا. ووجدت أن الاهتمام انصب على الروهينجا باعتبارهم مسلمين يعانون اضطهاد البوذيين، بينما لم نوجه ربع هذا الاهتمام لبلد هو الآخر يعانى مسلموه الجوع والاقتتال والعنف والكوليرا، فكان السؤال البديهى بمنطق من أسلموا الأزمة وربطوها بالدين: أليس هؤلاء بمسلمين، وهؤلاء بمسلمين؟ رغم يقينى بعدم علاقة الدين بأى من الأزمتين.

ونعود لليمن، فنجد أن الأمم المتحدة قد أصدرت فى شهر فبراير 2017 بياناً ذكرت فيه أن ثلث محافظات اليمن الـ۲۲ باتت على شفا مجاعة فى الوقت الذى يعانى فيه 60% من سكان اليمن الجوع. وذكرت يومها المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمى فى الأمم المتحدة، بيتينا لوشر، فى مؤتمر صحفى فى جنيف خشيتها لما تتعرض له اليمن من كارثة إنسانية إلى حد إعلان حالة الطوارئ من الدرجة الرابعة فى سبع محافظات، أى أقل بدرجة من إعلان حالة المجاعة التامة. وذكرت يومها وفقاً للتقارير الإخبارية أن برنامج الغذاء يوفر الطعام لنحو سبعة ملايين نسمة شهرياً فى اليمن، وهو أقل من نصف العدد الذى يعانى الجوع البالغ ۱۷ مليوناً، وأن اليمن من بين أربع دول باتت تهددها المجاعة حالياً، إلى جانب الصومال وجنوب السودان ونيجيريا، حيث يتعرض أكثر من ۲۰ مليون نسمة لخطر الموت جوعاً بحسب الأمم المتحدة، ورغم ذلك لم أر تحركاً لإنقاذ مسلمى اليمن من كارثتهم الإنسانية، أو حتى إصدار بيان لنصرتهم وإعلامهم بأننا معهم، وهذا أضعف الإيمان!

ثم كان تقرير الأمم المتحدة فى شهر يونيو 2017 الذى حذرت فيه مجدداً المجتمع الدولى بأسره من احتمال حدوث كارثة إنسانية فى اليمن هذا العام ما لم يتم التحرك لتأمين التمويل اللازم لمواجهة تفشى وباء الكوليرا وخطر المجاعة فى اليمن. حيث قال جيمى كالجودريك، منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية فى اليمن خلال مؤتمر صحفى: «إن الأمم المتحدة تخشى من حدوث مجاعة فى اليمن هذا العام، وهى غير قادرة على تقديم المساعدات العاجلة التى يحتاجها الشعب اليمنى». مضيفاً أن هناك أكثر من 310 آلاف حالة يشتبه بإصابتها بالكوليرا فيما تجاوز عدد الوفيات بهذا المرض 970 حالة وفاة -زادت منذ أيام لتتجاوز 2000 حالة- وأن 50% من حالات الإصابة والوفيات من الأطفال والنساء. ورغم ذلك لم أر تحركاً إسلامياً أو دعوة لإنقاذ المسلمين فى اليمن الذين تتحدث عنهم الأمم المتحدة، محذرة من كارثة إنسانية سمتها بأنها الأضخم فى العالم، حيث قدرت التقارير عدد القتلى بأكثر من 7400، وأكثر من 40 ألف جريح منذ العام 2015.

ما يحدث فى اليمن صراع سياسى لا علاقة له بالدين رغم حضور الطائفية بقوة فى هذا الصراع تقودها حرب المصالح والتربيطات السياسية خلف الكواليس. وما يحدث فى بورما هو صراع سياسى أيضاً لا علاقة له بالدين، رغم تصدره الخلاف بين أغلبية بوذية وأقلية مسلمة، ولكن المصالح هى الأخرى حاضرة لتجييش المشاعر باستخدام الدين وإلا ما معنى خبر إعلان ما يسمى بجيش إنقاذ روهينجا أراكان يوم السبت الماضى من طرف واحد عن وقف إطلاق النار فى ميانمار لمدة شهر واحد اعتباراً من أمس الأحد؟ نعم، نمر بمرحلة انعدام ضمير عالمى فقد البصيرة رغم امتلاكه أدوات الاستبصار التكنولوجى، وفقد الإحساس بقيمة النفس التى حُرم قتلها دون ذنب أو وجه حق أياً كان انتماؤها، وبات القتل مباحاً باسم الدين والمصالح دون اعتبار لحق البشر كل البشر فى الحياة، ولذا أنعى الإنسان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف