المصرى اليوم
ياسر أيوب
جاءت الجماهير ولم تأتِ الكرة
كان أمس الأول يوما أكثر جدوى وصدقا وتأثيرا من كل القمم العربية.. فالعرب الذين لم تنصفهم السياسة ولم تسعدهم ولم تجمعهم.. أنصفتهم وأسعدتهم كرة القدم أمس الأول.. ففى هذا اليوم فازت السعودية على اليابان وأصبحت أول دولة عربية تتأهل لنهائيات كأس العالم المقبلة فى روسيا.. أما سوريا.. فقد نجحت فى الوقت الضائع فى التعادل مع إيران فى طهران لتلعب الملحق الآسيوى أمام أستراليا.. ولم تكن فرحة للسوريين وحدهم إنما فرحة لعرب كثيرين جدا احترموا عطاء ونبل وإنسانية كرة القدم التى لم تبخل بالفرحة على بلد عاش الحرب والحزن والخوف وواجه الموت والدم سنوات طويلة، ولم يكن منتخبه يستطيع اللعب فى بلاده إنما اختار أن يلعب فى ماليزيا.. وفى نفس اليوم أيضا اقتربت تونس من التأهل للمونديال بعدما تعادلت مع الكونغو الديمقراطية على ملعبها وتصدرت مجموعتها.. ولم يبق لتونس إلا أن تفوز على أرضها على غينيا لتتأهل رسميا للمونديال إذا تعادلت الكونغو أو خسرت أمام ليبيا..

وعلى الرغم من تعادل المغرب مع مالى فى مالى رغم أنها كانت تستحق الفوز وأضاعت ضربة جزاء قبل نهاية المباراة بعشرين دقيقة، إلا أن المغرب لاتزال قادرة على التأهل للمونديال بدلا من كوت ديفوار.. وكان ختام هذا اليوم الكروى العربى فوز مصر على أوغندا لتقترب من تحقيق حلم قديم ودائم باللعب فى نهائيات المونديال التى غابت مصر عنها منذ سبعة وعشرين عاما.. أى أنه بات ممكنا ومحتملا أن يتابع العالم خمسة منتخبات عربية فى المونديال الروسى المقبل: السعودية وسوريا من آسيا.. وتونس والمغرب ومصر من أفريقيا.. وكنت أتمنى أن تنضم إليهم الجزائر أيضا لكنها خرجت نهائيا من سباق المونديال بعد خسارتها أمام زامبيا.. ولابد بعد ذلك كله من إطالة الوقوف أمام مباراة مصر وأوغندا فى استاد برج العرب الذى فاضت مدرجاته بستين ألف مصرى جاءوا من كل مكان لتشجيع منتخبهم ولإعادة الحياة والروح لملاعب مصرية اشتاقت لمثل هذا الصخب المجنون والجميل.. وانتصر المنتخب المصرى لكل هؤلاء العشاق وأهداهم الفوز على أوغندا..

ورغم ذلك لم يكن معظم الجمهور المصرى سواء فى المدرجات أو البيوت والمقاهى سعيدا رغم الانتصار.. فالأداء لم يكن يليق بأحد قادة الكرة الأفريقية فى مواجهة واحدة من القوى الصغيرة الناشئة.. وكان هناك من عاتب هؤلاء لأن الأهم والأجمل هو الفوز وليس الأداء، وأن يتأهل المنتخب المصرى للمونديال حتى إن لم يقدم أى عروض جميلة.. وهو عتاب ليس فى محله لأنه ليس مستحيلا فى علم وحسابات كرة القدم أن يقدم فريق أداء جميلا وراقيا وأن يفوز أيضا.. ونحن لسنا مضطرين لمثل هذا الاختيار القاسى والمزعج بين الفوز وعدم اللعب أو الخسارة رغم اللعب الجميل.. كأنه أصبح مكتوبا على ملاعبنا ألا ترى الاثنين معا: الكرة والجماهير.. وأصبح لابد من اختيار أن تأتى الجماهير أو تأتى الكرة.. وفى مباراة أمس الأول جاءت الجماهير ولم تأتِ الكرة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف