الأهرام
عبد الفتاح البطة
من أفسد خير متاع الدنيا ؟
( ‬تُنكح المرأة لأربع ‫: ‬لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك )حديث صحيح للنبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه. كثيرا ما نسمع كلام الله عز وجل وكلام نبيه صلي الله عليه وسلم ، ولكن شتان بين السماع والعلم ، والفهم والفقه ، ثم التوفيق للعمل والتطبيق . فلا يُدرك معني كلمة :( فاظفر بذات الدين )إلا من سمع أوعايش أوتدخل في مشكلة ابتُلِي فيها الزوج بزوجة شتامة لعانة فضاحة سليطة اللسان حقودة تمد يدها لمال زوجها ، وقد تسرق بيته ومدخرات عمره ثم تدعي ظلما وزورا أنه حقها وأنها ما أتت بشيء يُغضب الله .
ويزيد الطين بلة إن كانت تلك الزوجة قد تعلمت وتربت ونهلت ليس من مائدة الرحمن' ولا مائدة خير البرية صلي الله عليه وسلم ، ولكن علي يد أم قاسية القلب بذيئة اللسان تشبه الشياطين في غضبها ، لا تراعي إلا ولا ذمة حتي في أولادها ، ولا يردعها إلا العصا أوالجزرة .

وبدهي أن أما بهذه المواصفات لن تربي إلا جيلا شرب من نفس النبع ، نبع القسوة والغلظة والشتم والسب وعبادة المال ، وتوقير الغني وذي اللسان البذيء ، وتحقير المتواضع ذي اللسان الرطب بذكر الله عز وجل .

والأخطر عندما تخرج المرأة من بيئة بسيطة عاشت فيها حرمانا طويلا ثم انتقلت إلي بيئة أعلي وأرقي، فتحدث لها هزات واختلالات فكرية ونفسية وسلوكية يَصدُق عليها قول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( احذر ممن شبع بعد جوع فإن الخير فيه دخيل ، وتأَّمل في من جاع بعد شبع فإن الخير فيه أصيل ) . ويَصدُق فيها قول الله عز وجل في الحديث القدسي : (إن من عبادي من لا يُصلحه إلا الفقر ،وإذا أغنيته أطغيته" أوأفسدته " ) خاصة إذا جاءت هذه الطفرة المادية مع ثقافة جُلها من جلسات القيل والقال ،ومفاهيم عجائز سطحية وتراجع للجانب الإيماني الذي لا يعدو أن يكون شعائر تؤدي في مناسبات بعينها وصلوات تؤدي هكذا بلا خشوع ولا تدبر .

بل قد يصل الأمر ببعض من هؤلاء أن تري أن عمل السحر لزوج الابنة مصلحة لابنتها وحفاظا علي مستقبلها !!

بعد كل ذلك نتساءل عن سبب إرتفاع معدلات الطلاق ، الإجابة ببساطة أن البيئة بما فيها من بيت ومدرسة وشارع ووسائل إعلام وتراجع لدور المسجد والعلماء الربانيين محبطة بل قاتلة لكل علاقة بينية بين زوجة وزوجها وأبوين وأولادهما وصديق وصديقه وأخ واخوته . وداهية الدواهي أن تعشق المرأة وتدمن الفيس والواتس والنت وهي ذات ثقافة ضحلة وتربية دينية قد تكون منعدمة ، فتشبه حال من خرج من قعر الريف بكل تفاصيله إلي شوارع باريس بكل مباهجها وزينتها ، فحتما سيسقط في أوحال فكرية ورزايا سلوكية وانحرافات عاطفية .

وأيا كان المُفسد للمرأة فهو خارجٌ من رحمة الله التي لولاها ما استحق النبي صلي الله عليه وسلم- وهو من هو عبادة وجهادا واخلاصا لربه- الجنة . فلقد حذر النبي صلي الله عليه وسلم قائلا :"ملعون من خبب امرأة على زوجها أو عبداً على سيده".

والخطأ الشائع أن اللعنة ( الخروج من رحمة الله ) تقع فقط علي رجل إذا أفسد امرأة علي زوجها ، ولكن يدخل في اللعنة كذلك المرأة إذا أفسدت رجلا علي زوجه ، وأم الزوج أوالزوجة ، وأخت أو أخو أوخال أوعم أوأبو الزوج أوالزوجة ، وكذلك الجار أوالجارة أوالصديق أوالصديقة .

وإذا كان ما سبق هو الجانب الأسود من المرأة ، فإن هناك جانبا آخر .يعلق ابن عثيمين رحمة الله عليه علي قول النبي صلي الله (الدنيا كلها متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة )" رواه مسلم "قائلا : : (إذا وُفق الإنسان لامرأة صالحة في دينها وفي عقلها ،فهذا خير متاع الدنيا لأنها تحفظه في سره وماله وولده، وإذا كانت صالحة في العقل فإنها تدبر له التدبير الحسن في بيته وتربية أولادها وهذا خير متاع الدنيا . وأفضل ما نال الفتى… بعد الهدى والعافية قرينـــة مسلمـــــة… عفيفة مواتية ).وإذا كانت المرأة الصالحة خير من المال والعقار والحدائق الغناء والمناصب والشهرة والجاه ، فإن المرأة الفاسدة أيضا - بمفهوم المقابلة - شر متاع الدنيا في مطعمها ومشربها وملبسها وفراشها ولسانها وفكرها وروحها .

والغريب أنه في الحالتين تكون المرأة ( متاع ) أي لا مفر من الرجل أن يعيش بجانبها تحت أي حال ، لكن السعيد من رزقه الله عز وجل الصالحة ، والتعيس من ابتلاه بالفاسدة إلا أن يكون صابرا محتسبا من أولياء الله . وكما قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله - : ( إن لسان الأولياء مما يُبتلي به الأولياء ) . وصدق ربنا لما لفت الأنظار وحذر من إمكانية أن تكون المرأة عدوا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) " التغابن - 14". والله عندما يصف شيئا بأنه عدو فمعني ذلك أن العلاقة لا رحمة فيها ولا لين ولا شفقة ولا مراعاة لعشرة ولا لأولاد ولا أي شيء مما يتعلق بالمروءة والفضيلة .

ووصف العداوة ورد في القرآن الكريم في الحديث عن إبليس الرجيم لما قال الله عز وجل : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) " فاطر - 6" لكن بالنسبة للمرأة لم يقل : فاتخذوها عدوة ، بل قال : ( وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) لأن الله عز وجل برحمته وكرمه يعلم أن لا مناص للرجل من التمتع بزوجة مراعاة لطبيعته البشرية أولا ولضرورة عمران الكون واستمرار الذرية ، ولأن المرأة كذلك من الشهوات التي تصعب بل تستحيل الحياة بدونها : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) " آل عمران -14) .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف