جريدة روزاليوسف
وليد طوغان
قال تنوير قال؟!
أطلقت جامعة القاهرة وثيقة تنوير. وثيقة غريبة الصياغات والمفردات. لا أحد يعرف ماذا قصدت «بتكوين تيار عربى لمقاومة الأصولية»، ولا معنى «ضرورة الاستفادة من التجارب التنويرية حول العالم».
الكلام فى التنوير على ودنه، لكن كلام والسلام. لا حصلنا تنوير.. ولا انجلى الظلام وانطوى. التنوير اليومين معيار للموظف الكفء، والكلام عن التنوير بالتنظير فى كل مناسبة واحد من محددات المسئول الهمام.
هكذا يظن بعضهم، وبعض الظن إثم.. ولأنهم يظنون، تحولت أحاديث التنوير لسبوبة ماركة مسجلة. أصبح الكلام عن التجديد على ودنه.. والكلام عن التنوير فى المؤسسات الحكومية عمال على بطال.
معلوم.. يقولون إن أى كلام عن التنوير «بيسمع فوق».. بعضهم يقول ان اى كلام عن التجديد، ودعوات التجديد، حتى لو كان ضجيجًا بلا طحين.. بيلمس «فى العالى». ولأن كله طالب «العالى»، ولان اغلبهم عينه على «فوق» تجد اكثرهم هاتك يا كلام عن جهود التنوير فى كل مناسبة.. ومع كل ظهور.. ثم فى النهاية «ادى وش الضيف».
الصوت عالٍ لكن الوعاء خالى. أصبح كل موظف رسمى «تنويرى» منذ اول ايامه فى اى هيئة. أصبح كل مسئول حكومى «تجديديًا» من اول ساعاته فى اى منصب . لكن كلهم تنويريون، فى غير محله، وعمال على بطال. كلها منظرة..ومحاولات ظهور. ربنا يكفينا شر محاولى الظهور.
ممكن تعتبر وثيقة جامعة القاهرة الأخيرة، إضافة جديدة فى سلسلة محاولات التنظير التنويرى. ممكن تعتبرها محاولة ظهور جديدة فى سلسلة محاولات من كل نوع وعلى كل لون. فى الجامعة.. فى الأوقاف.. فى الوزارات.. وحتى فى بعض البنوك الحكومية.
كما لو أن رئيس جامعة القاهرة الجديد الدكتور عثمان الخشت اراد بدء ولايته بـألعاب نارية.. وألوان.. ودخان. حجز الرجل مكانه فى الصف الأول فى طابور «محاولى الظهور»، لكن وثيقته التنويرية خرجت مبهمة وغير مفهومة. وصل الأمر لدرجة دعوة الوثيقة للتجديد.. مع التمسك بالتراث.. فى وقت واحد. مشكلتنا فى التراث.. بينما ترى الوثيقة التراث أساس التنوير. أوقعت صياغة الوثيقة الكثيرين فى حيص بيص.. كلهم سألوا: ايه القصد.. والكلام على ايه؟
قالت وثيقة جامعة القاهرة، كلاما كثيرا، فى جمل مركبة بأحكام، لكن لا معانى ولا نتائج . الغريب ان مجلس «التنوير» الذى دعا اليه الدكتور الخشت، ضم أسماء كبيرة، وشخصيات على مستوى عال. كيف وافق هؤلاء على صدور وثيقة بهذا الشكل؟ لا أحد يعلم.
كيف أقرت شخصيات بهذا القدر وتلك الحيثية كلاما من نوعية موضوعات النثر التى تعلق على حوائط المدارس الحكومية وفى أحواشها؟ لا أحد يعرف.
على كل، لا يمكن تنفيذ بنود وثيقة تنوير الجامعة بالشكل الذى خرجت عليه. المشكل ليس فى صعوبة بنودها، إنما الأزمة فى انها كلام فى كلام.. وإنشاء فى إنشاء.
خد مثالًا.. نصت الوثيقة على: «ضرورة تأسيس نسق فكرى فى مواجهة النسق الإرهابى المتطرف والمتشدد يقوم على التفكير الإبداعى والعقلى والرافض لامتلاك الحقيقة المطلقة والانحياز العقلانى ضد الأصولية وفى إطار ان الحرية مكون من مكونات حق الاختلاف والتنوع الفكرى»
هذا واحد من توصيات الوثيقة.. فهمت حاجة؟
بلاش.. افرض اننا رفعنا الوثيقة فوق رؤوسنا.. وسلمنا بما فيها، بصرف النظر فهمنا مقصودها من عدمه.. هل هناك من يستطيع شرح الذى يمكن ان نفعله تنفيذا لنص البند السابق.. وتنفيذا لتوصياته؟
لا احد يعرف.. ولا حتى الدكتور الخشت.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف