الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
سيارة الإسعاف وفروة الخروف
منذ أن كنا أطفالاً في المدارس الابتدائية بالبنطلون القصير فوق الركبة.. والعيد الكبير أو قل عيد الأضحي له ذكري عندنا.. منذ الصباح في أول أيام العيد.. وأيضاً في الثلاثة أيام التالية ــ نسمع أجراس وأصوات سيارات الإسعاف في الشارع.. تجوب المنطقة منذ كنا في العباسية بشارع فهمي.. سيارات تلم فروة الخروف المذبوح.. تأخذ الفروة من عندنا ومن كل الجيران.. وكانت العباسية.. بل في نفس المربع.. كانت العباسية مسكن كبار القوم.. كان بجوارنا طلعت حرب باشا وقصره مازال في شارع الويلية الصغري مهجور منذ عشرات السنين ولا أدري لماذا لا يتحول إلي متحف.... إذا لم تفعل الحكومة فأين بنك مصر مثلاً.. وهناك علي بُعد خطوات فيللا ماهر باشا الذي سُمي الشارع باسمه وهو والد اثنين من رؤساء الوزارات علي باشا ماهر وأحمد باشا ماهر.... وفيللا عبدالفتاح عمرو باشا سفير مصر في لندن وبطل العالم في الإسكواش وصديق الملك فاروق.... وفيللتان متجاورتان لأحمد باشا عبد الغفار وزير الزراعة الدائم وسليمان باشا غنام وزير التجارة.... كل هؤلاء في مربع واحد من العباسية.... وفوجئت في ملحق الأهرام بن نجيب محفوظ من خريجي مدرسة فؤاد الأول الثانوية مع إحسان عبدالقدوس.... ولأول مرة أعرف أنهما كانا جيران منذ سنوات طويلة!!
***
كانت سيارة الإسعاف تمتليء فتذهب إلي مقرها وسط البلد ثم تعود لتمتليء مرة أخري وثالثة.
أين سيارات الإسعاف الآن؟!.. لقد قيل لنا منذ زمان جداً أن فروة الخروف مهمة للغاية لصنع أدوية معينة.... لماذا لا يتم جمعها الان...
يُقال إن العائلات تبيع فروة الخروف لمصانع تعمل منها ما يشبه السجاد.... ويُقال إن بعض العائلات تعطي الفروة للجزار الذي تولي عملية الذبح كأجر علي الذبح بدلاً من أن تدفع نقوداً.... ثم ظهرت فتوي تقول إن هذا حرام.... الجزار لا يأخذ جزءًا من الخروف ولا الفروة.. ولا أدري لماذا حرام؟.... مجرد ذكريات في هذه الأيام المقدسة أعادها الله علي أمة محمد بالخير.
***
وأيضاً.... بمناسبة هذه الأيام المباركة.... في سورة الفجر "وليال عشر".... هل هي العشرة أيام الحالية قبيل يوم الوقفة.... أم آخر عشرة أيام من شهر رمضان المبارك؟؟..
كالعادة.... اختلف الفقهاء أيهما الصيام فيها سُنَّة مؤكدة أو حتي غير مؤكدة.... الشيء المؤكد الوحيد الذي ليس عليه أي اختلاف هو صيام يوم الوقفة.... سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ صام يوم الوقفة حينما أرسل سيدنا أبو بكر بدلاً منه مرشداً ورئيساً للحج.... ويومها قال في مساء اليوم السابق ليوم الوقفة:
ــ من لن يحج عليه أن يصوم غداً...
وصام سيدنا محمد كسُنَّة مؤكدة هذا اليوم..
ولكن الخلاف حول أي عشرة أيام يستحب فيها الصيام.... قيل إن العشر الأواخر من رمضان حيث الاعتكاف الذي يوجب الصيام ويكفي أن في هذه الأيام كان أول نزول لسور القرآن الكريم.... وقيل إن السلف الصالح صام عشرة أيام قبل الوقفة استعداداً لأداء فريضة.. وأية فريضة ــ فريضة تمحو كل خطايا العمر وتعيد المسلم إلي يوم مولده.... فريضة واحدة ووحيدة في العمر لما يتخللها من مشاق ومتاعب ونفقات.... من هنا الناس يصومون الأيام العشرين.
لذا دائماً أناشد دار الافتاء والأزهر أن يحسم أي موضوع فيه خلاف.... وكل عام وأنتم بخير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف