الأهرام
محمد سلماوى
ماذا وراء ما يحدث فى المعادى؟!
ما هذا الذى يحدث فى المعادى؟ الشوارع مكسرة والمطبات فى كل مكان، والأرصفة ابتلعها أصحاب العمارات فى كروشهم بالاتفاق مع المسئولين بالحى، وأعمدة النور واقفة وحيده كخيال المآتة فى الظلام، والقمامة على كل ناصية شارع ترتفع قاماتها من يوم ليوم فى تحد سافر لكل التقدم الذى حققه الانسان منذ انتقل من الغاب الى الحضر، لقد كان هذا الحى فى الماضى يعرف بأنه حى الفيللات، وصدر بالفعل بدلا من القرار عشرة تحول دون هدم فيللاته القديمة، لكن المنوط بهم تنفيذ هذه القرارات لا يبدو أن خرقها يزعجهم فى شيء، واليوم تحول المعادى الى عشوائية أسمنتية لا ضابط لها ولا رابط.

إن ما يحدث فى شارع 13 على سبيل المثال هو رمز لما يحدث فى الحى كله، كما أن ما يحدث فى المعادى هو رمز لما يحدث فى بقية أحيائنا، فهذا الشارع الواقع فى المنطقة التى مازالت تسمى سرايات المعادى (!!!) يعمه الظلام خاصة ما بين تقاطع شارع 84 وشارع 85 ففيها لا ترى من يسير الى جوارك، ولا تعرف إن كان إنسيا أو جنيا، وقد كانت أعمدة النور تضيء كل ليلة منذ شهور قليلة، لكن شجرة وقعت فى بداية الشارع فقطعت عنها الكهرباء (حسب رواية العاملين بالحى)، ومن يومها وهذه المنطقة مظلمة بالكامل، فلا شيء يتم إصلاحه فى المعادى، تماما مثل كوبرى طرة الذى كان المخرج الثانى من داخل المعادى الى الكورنيش، فهذا الكوبرى العلوى تهدم فيه جزء قبل أكثر من ستة أشهر، وبدلا من أن يتم إصلاحه تم إغلاقه وأصبحت الآن جميع السيارات والميكروباصات ووسائل المواصلات الأخرى تتكدس عند المخرج الوحيد الباقى الى الكورنيش، فما يخرب فى المعادى يظل خربانا لا يقربه أحد، حتى لو وقعت شجرة وسدت الطريق كما حدث بنفس الشارع منذ شهر تقريبا، والتى لم يتم رفعها إلا بعد أن دفع السكان مبلغ 500 جنيه (ربما كانت هذه رسوما مقررة لرفع الأشجار!) فى نفس الوقت اختفى عمال النظافة من الشارع ومن المعادى وتزايدت القمامة فى كل مكان.

ثم ما هى قصة هدم الفيللات القديمة هذه؟ لقد بدأ أحد المقاولين فى شراء الفيللات القديمة من أجل هدمها وبناء عمارات تدر عليه الأرباح لكنها تغير الطابع المميز للحى، وأنا أتحدث عن واقعة محددة شاهدتها بنفسى فى منطقة دجلة وتم الاتصال على الفور بوزير التنمية المحلية الدكتور هشام الشريف بشأنها، ولولا تدخله الحاسم لكانت العمارة الجديدة قد أصبحت أمرا واقعا، ففى المعادى تنمو العمارات الجديدة بنفس معدل نمو الأعشاب الشيطانية التى تسرح فى الأراضى المهملة، وما زلت أذكر أننى اتصلت فى واقعة مماثلة بالمهندس إبراهيم محلب وقت أن كان رئيسا للوزراء، فتدخل كما تدخل هشام الشريف وأوقف البناء، وفى الشهر التالى بعد أن هدأ الأمر بدأ البناء من جديد فعاودت الاتصال به فأوقفه مرة ثانية، فى لعبة قط وفأر مخجلة، فهل هذا معقول؟

لقد وصلتنى رسائل كثيرة غاضبة مما يحدث فى الحى الذى أصبح سكانه يشهدون على تدهوره التدريجي من يوم ليوم، فاخترت أكثرها هدوءا وقد كتبتها أستاذة جامعية فاضلة معروفة لجميع سكان الحى، وفيها تقول:

أنا مواطنة وُلِدَت وعشت عمرى كله وجميع أفراد أسرتى فى المعادي الجميلة. وقد تجاوزت الآن الثمانين من عمري ولا افكر- بل لا أتصور يوماً - أن أتركها وانتقل للسكن في منطقة أخرى، ولكنى أشعر بالحزن العميق لما آل إليه الحال من تدهور وإهمال وعشوائية، واسمحوالي أن استعرض معكم بعض مظاهر هذا التدهور فى الشارع:

أولا الطرق ينعدم فيها الرصف السليم حتى زادت فيها النقر والمطبات. والشارع الوحيد الذي نال اهتمام حكومة المهندس ابراهيم محلب،هو شارع 9 الذي يقع فيه معظم متاجر ومقاهي الحى، وهنا علينا أن نتقدم له بالشكر على ما أنجزه من تطوير في الجزء الجنوبي من هذا الشارع . إلا أن الجزء الشمالي الذي تقع فيه محطة مترو المعادي ومكتب البريد، يتسم بالعشوائية الكاملة، حيث يمتليء بالبائعين الجوالين بلا ضابط ولا رابط، والذين تحوم حولهم عشرات التكاتك، نعم صدقونى، تكاتك فى المعادى، غير بائعى الأسماك، ومن يقومون بشى الذرة أو يبيعون الأمشاط الفلايات فوق الأرصفة.

أما المطبات الصناعية فبعضها مرتفع يكسر السيارات والبعض الآخر لم يتم طلاؤه باللون الأصفر ولا يكاد يرى. والجدير بالذكر أنه عندما أزيلت هذه المطبات أثناء زيارة بابا الفاتيكان انتظم السير فيها ولم يحدث أي خلل في المرور. فما لزومها؟

ومنذ فترة قام المسئولون بحفر نواصي الشوارع لتثبيت أسلاك الإنترنت السريع ولم يعيدوا الرصف فزادت عدد المطبات في كل النواصي بدون اسنثناء. فى نفس الوقت اختفت الأرصفة، ولم تعد موجودة في معظم الشوارع وما هو متوافر منها غير مرصوف رصفاً سليماً مما يضطر المشاه إلى السير في عرض الشارع .

إن بعض الطرق المحيطة بمنزل السفير الإسرائيلي مغلقة بالمتاريس بالرغم من أنها طرق حيوية لأنها توصل إلى المركز التجاري للحى (شارع 9) وبها مدرسة القناة وقسم شرطة المعادي ولذا يجب النظر في تعديل تخطيطها واتجاه المسار فيها.

أما ظاهرة العمارات المخالفة فقد زادت بعد الثورة بشكل ملحوظ بالرغم من وجود قوانين تمنع الهدم إلا في ظروف خاصة وتمنع الإرتفاعات، ثم ألا يفكر أحد من كبار الملاك الذين يهدمون الفيللات فى أن يبنى جراجات متعددة الطوابق لتحل مشكلة الزحام؟ ولماذا يتغاضى المسئولون عن تطبيق القانون الذي يجبر ملاك العمارات على بناء جراجات أسفل العمارة؟

و قد وجدت أن السؤال الذى تكرر فى كل الرسائل التى وصلتنى هو ما طرحه الدكتور نادر الشربينى: لماذا يغمض موظفو الحي جميعاً أعينهم عن المخالفات التى تجرى فى الحى، والتى نشكو لهم منها كل يوم بلا طائل؟!!

ونحن نضم صوتنا إلى أصحاب هذه الرسائل ونسأل، بل نتساءل.. لماذا السكوت على كل هذه المخافات وتركها لتتفاقم؟ وماذا وراء ذلك؟ هل المطلوب أن نقلب الناس على الحكومة ومسئوليها فى وقت نسعى لتوحيد مختلف فئات الشعب فى مواجهة المشكلات الكبرى التى نواجهها، ومن بينها ما يقوم به ذيول الإخوان فى مختلف مرافق الدولة من تخريب؟ أم المطلوب أن يصاب الناس بخيبة أمل فى نظام ما بعد 30 يونيو حين يشعرون أن التسيب والفساد قد زادا عما قبل؟ وهل هذا يجوز فيما نحن مقبلون على انتخابات رئاسية بعد بضعة أشهر فقط؟.. هل من مجيب؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف