المساء
جلاء جاب اللة
تسييس الحج
الحج هو الفريضة الخامسة من فرائض الإسلام.. من أقامها فقد اكتمل إسلامه بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.. وإقام الصلاة وصوم رمضان وأداء الزكاة.. ثم حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا..!!
هذه هي شعائر الإسلام.. من أداها حكمنا له بالإسلام أما حكم الله فلا يعلمه سواه سبحانه وتعالي.. فالإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.. وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره..!!
الحج فريضة إسلامية ليس لها علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد مثلها مثل الصلاة والصوم والزكاة.. مَنْ أداها فقد أدي الشعيرة ومن لم يؤدها فحسابه علي الله وحده إن شاء غفر له وإن شاء عذبه.. والله علي كل شيء قدير.
ولم يعرف تسييس الحج إلا بعد ظهور الخوارج ثم الروافض وكلاهما خرج من الدين لكن الحكم لله ولا يمكن أن يحكم أحد بكفر أحد قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.. وكما قال رسولنا الكريم: "فقط عصم نفسه".
وقد حاول الخوارج تسييس الدين بمفهومهم آنذاك ولم يفلحوا.. لكن المفهوم الحديث لتسييس الدين ظهر بشكل فج في الدولة العثمانية وإن كان ذلك لا ينفي أن هناك محاولات تمت ومعظمها كان فاشلاً في دول إسلامية سبقت ذلك وبعد ظهور الإسلام السياسي في العصر الحديث كثرت دعاوي تسييس الحج تمشيًا مع تسييس الدين ككل وهنا كانت الطامة الكبري.. لأن تسييس الحج يعني الخروج عما تم في عهد النبوة من مناسك حيث أمرنا رسولنا الكريم بأن تؤدي المناسك كما أداها.. وما سئل الرسول الأكرم عن أمرين في الحج إلا اختار أيسرهما ما لم يحلل حراما أو يحرم حلالا.
ومع قيام الدولة الإسلامية الشيعية في طهران كانت محاولات تسييس الحج الغريبة عن الإسلام بل والغريبة أيضًا عن المناسك التي عرفها الشيعة أنفسهم قبل الخوميني.
ولأن الشيعة الإيرانيين كانت لهم رؤية سياسية ومطالب لدولتهم في الحج فقد كانت لهم مناسك ليست بريئة وليس لها علاقة بمناسك الحج مثل المظاهرات التي كانوا يطوفون بها في الشوارع مثلاً أو مناسك شيعية في هذا المقام الكريم.. ولا يجب أن ننسي أن المشاهد الشيعية في كربلاء مثلاً ليس لها علاقة بالدين لأن علاقتها الوثيقة بمقتل سيدنا الحسين بن علي كرم الله وجههما.. وكان استشهاد الحسين سيد شباب أهل الجنة بعد أن اكتمل الدين ونزل الوحي علي الحبيب المصطفي في حجه الأعظم "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".. فماذا بعد اكتمال الدين ووفاة الرسول الأعظم وتوقف الوحي..؟
ولم يكن الشيعة وحدهم في ميدان تسييس الحج فقد كانت الجماعات المسيسة الإسلامية أو ما يعرف باسم جماعات الإسلام السياسي وهي جماعات سنية في معظمها وليست شيعية أحد روافد تسييس الحج والإساءة للإسلام في هذه الفريضة العظيمة.
وأخيرًا.. تابعنا محاولات قطر تسييس الحج وكذلك محاولات الحوثيين في اليمن وهي ليست محاولات جديدة لكن الجديد فيها هو أسلوب التسييس فقد فعلتها إيران الشيعية مرة وادعت أن السعودية ترفض استقبال الحجاج الشيعة وهو ما نفته السعودية آنذاك ثم محاولات تسييس الحج وتقسيمه بين شيعة وسنة وهو ما رفضته السعودية أيضًا.. ومعها كل دول العالم الإسلامي.
المأساة كانت في قطر الراعية للإرهاب باسم الدين فقد حاولت هذا العام تسييس الدين بشكل سيئ وعندما أعلن ملك السعودية أنه سيستضيف حجاج قطر.. منعتهم السلطات القطرية من الحج إلا البعض منهم سافر برًا.. وهنا تكمن ملامح اللعبة السياسية المكشوفة وهو ما حذر منه كثير من الخبراء من أن قطر الراعية للإرهاب ستحاول أن تدفع من يقبضون منها أو تدعمهم سياسيًا وماليًا ومعنويًا.. بأن يحاولوا تسييس حج هذا العام والإساءة لشعائر الحج ومحاولات إدخال الحجيج في قضايا سياسية ليست في مهام الحج ولا مناسكه.. بل إن الرسول الكريم أمرنا بعدم الجدال.. مجرد الجدال في الحج.. فما بالك بالدخول في قضايا سياسية جدلية الهدف منها فقط إحداث بلبلة وهرج ومرج وتحويل مكان قبلة وتوحد المسلمين إلي مكان للخلاف والاختلاف.
الحج في معناه الكبير هو تجمع المسلمين من كل بقاع العالم علي كلمة واحدة هي "لبيك اللهم لبيك".. يقولها العربي والأوروبي والآسيوي ومن كل دول العالم "لبيك اللهم لبيك".. استجبنا ربنا لدعوة أبينا إبراهيم كما أمرته.. ولبينا الدعوة وجئنا لهدف واحد هو العبودية المطلقة لك.. جاء الحجيج من كل فج عميق بلسان واحد وقلب واحد وإيمان بالله الواحد يقولون "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك" فماذا يريد الذين يحاولون تسييس الحج؟
هل يريدون الإساءة للمملكة..؟ هذا شأنهم السياسي كدولة وأخري وإن كنا نرفض ذلك ولكن العلاقات السياسية بين الدول شيء.. والحج شيء آخر.. لأن العلاقة أكبر وأقوي انها علاقة لله ومع الله وبالله.. وما السعودية إلا أرض اختارها الله لتكون مكانًا للكعبة المشرفة واختارها لتكون مدينة رسول الله بها.. "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين"..!!
محاولات تسييس الحج هي مجرد محاولات لإفساد الإسلام.. وهي ليست جديدة فكل من عمل بالإسلام السياسي يعرف أن أي تسييس للعبادة مآله إلي الفشل.
"لبيك اللهم لبيك" من القلب يرددها ضيوف الرحمن هذه الأيام ونحن معهم بقلوبنا.. ندعو الله سبحانه وتعالي أن يعيد لبلادنا الأمن والأمان وأن يفشل كل محاولات الإساءة لمصر ولكل العالم الإسلامي.. فاللهم اجعل تدبيرهم تدميرهم ومكرهم في نحورهم.. اللهم في هذه الأيام المباركة نستودعك الحجيج ضيوفك ونستودعك كل مكان يلبي فيه نداؤك ونستودعك مصر وكل دول العالم الإسلامي فأنت الحافظ وحدك والقادر وحدك والمهيمن وحدك لا إله إلا أنت.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف