الفجر
مى سمير
173 داعشيا يستعدون لضرب أوروبا
يطلق عليهم التنظيم أشبال الخلافة


نشر تنظيم داعش الإرهابى الخوف فى أرجاء القارة الأوروبية، بسلسلة من خمس هجمات إرهابية قاتلة فى قلب القارة العجوز، بينما يشكك المسئولون المكلفون بالسلامة العامة فى قدرتهم على مواجهة التنظيم.

ويبدو أن المستقبل يحمل مزيدا من تصاعد الحوادث الإرهابية بشمال البحر المتوسط، إذ سبق للمسئولين عن مكافحة الإرهاب الإشارة إلى أن مثل تلك الحوادث يرتكبها إرهابيون يندرجون تحت فئة «الذئب الوحيد»، ويرون أن هناك أدلة على وجود خلايا لداعش فى القارة الأوروبية، وهو ما يفسر مستوى التنسيق الذى عكسته العمليات الأخيرة، خاصة الأسبوع الماضى.


1- الوضع الجديد

تحت عنوان «هذا هو الوضع الطبيعى الجديد فى أوروبا»، نشرت جريدة إكسبرس البريطانية، هذا الأسبوع، تحليلا للخبير الأمنى البريطانى، ويل جيديس، أشار فيه إلى أن الهجمات الإرهابية أصبحت «الوضع الطبيعى الجديد»، وأضاف أن هزائم داعش ستؤدى إلى المزيد من الهجمات فى الغرب.

تنعكس تفاصيل هذا الوضع الأوروبى الجديد بشكل مفصل فى التقارير الأمنية، والأبحاث المتخصصة فى شئون الإرهاب، ففى بداية أغسطس 2017، نشرت الصحف العالمية تقارير متنوعة عن قائمة تضم 173 انتحاريا محتملا، اكتشفتها قوات الأمن العراقية أثناء محاربة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» فى شمال العراق، وحصلت المخابرات الأمريكية على تلك القائمة السرية التى أعدتها المجموعة على ما يبدو لتحديد من يستطيعون القيام بهجمات فى أوروبا.

وقامت المخابرات الأمريكية بتمرير تلك القائمة إلى منظمة الجريمة الدولية «الإنتربول»، التى وزعتها بدورها على أجهزة الأمن الأوروبية، وبحسب تقرير النيوزويك بشأن هذه القائمة، استخدم تنظيم داعش بانتظام القاصرين فى إخراجه الدعائى، مشيرا إلى أنهم «أشبال الخلافة»، لكن هناك القليل من المعلومات حول أعمار القاصرين فى تلك القائمة، وقال مصدر أمنى فرنسى لنيوزويك إن هناك عددا من الجهاديين الفرنكوفونيين.

فى نفس السياق ذكرت صحيفة دى فيلت الألمانية، أن شخصا واحدا من القائمة، هو مواطن ألمانى يبلغ من العمر 27 عاما، من مدينة سولينجن، شمال الراين، سافر إلى مصر من ألمانيا عام 2012، قبل دخول سوريا عبر تركيا للانضمام إلى داعش مع زوجته وطفله.

وتضم القائمة مواطنين من تونس والمغرب والأردن وطاجيكستان والسعودية وبلجيكا وهولندا، وقدمت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول» صور للمشتبه فيهم، والمساجد التى يعتقد أنهم يترددون عليها فى بلدانهم الأصلية.

كما ذكرت صحيفة «إل بيريديكو» التى تتخذ من برشلونة مقرا لها، أن خلايا داعش الهجومية فى أوروبا تضم عناصر من ذوى المهارات العالية فى التهرب من الكشف، وينطبق هذا بشكل خاص على استخدام داعش لمنصات التواصل المشفرة لخدمة خلايا العمليات «المهاجمين»، والخلايا اللوجستية «أولئك الذين يقدمون القنابل والمنازل الآمنة وغيرها»، وهذه الأنشطة تجعل من الصعب جدا على خدمات مكافحة الإرهاب الكشف عن الخلايا.

من ناحية أخرى لا تزال عمليات تجنيد الإرهابيين الجدد تشكل تهديدا لأوروبا، وفقا لتقرير صادر عن شبكة التوعية الراديكالية التابعة للمفوضية الأوروبية، وكما يشير التقرير، فإن المجازر التى أودت بحياة المئات فى العمليات الإرهابية المتنوعة التى شهدتها العواصم الأوروبية، نفذت من قبل الجهاديين الأوروبيين العائدين.

وتقدر لجنة الأمن الداخلى بمجلس الشيوخ الأمريكى أن 42 ألف مقاتل إرهابى أجنبى من 120 دولة، انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابى بين عامى 2011 و2016، ويشير التقرير إلى أن معدل الإرهابيين الأوروبيين العائدين يتراوح بين 20 و30%، أما الدانمرك والسويد والمملكة المتحدة، فلديهم أعلى نسبة عودة، قرابة 50 %.

يرى ديفيد طومسون، الصحفى فى إذاعة فرنسا الدولية ومؤلف كتاب «العائدون»، الفائز بجائزة ألبرت لوندرز، أعلى جائزة صحفية فى فرنسا، أن السجن المنتظم للعائدين «هو الحل الأقل سوءا».

وقال تومسون إن الخطر من السجون الفرنسية هو الآن أكبر من الخطر من سوريا، لأن السجون مراكز للتطرف.

وأضاف: «جهاديون الغد يولدون فى سجون اليوم»، ومن الخطأ التعامل مع الجهاديين الأوروبيين وكأنهم مصابون بأمراض عقلية، ويقارنهم باليسار العنيف فى السبعينيات والثمانينيات، الذين انضموا إلى بادر ماينهوف، أو جماعة الجيش الأحمر، حيث كان هؤلاء الشباب اليسارى يعتقد أن من خلال العنف يدافعون عن أيديولوجية سياسية، هو نفس الأمر بالنسبة لهؤلاء الإرهابيين القادمين من داعش.


2- خلايا أوروبا

شهدت الآونة الأخيرة تحركات مكثفة لداعش فى أوروبا، ولعل المثال الأكثر وضوحا على هذا التوغل الداعشى هو دولة السويد، إذ يعتقد جهاز المخابرات السويدى «سابو»، أن الآلاف من أعضاء داعش العائدين لأوروبا يتمركزون فى الوقت الحاضر فى السويد، وحسب موقع لوكال الإخبارى صرح أندرس ثورنبرج، رئيس جهاز «سابو» فى مقابلة مع وكالة الأنباء السويدية، بأن هذا الوضع الخطير غير مسبوق على الإطلاق فى تاريخ السويد.

وقدر خبراء الأمن فى تقرير صدر عام 2010، أن هناك حوالى 200 من هؤلاء المتعاطفين فى السويد، لكن هذا الرقم ارتفع اليوم إلى عدة آلاف، وأرجع ثورنبرج هذا الارتفاع أساسا إلى آلة الدعاية رفيعة المستوى لتنظيم داعش، التى وحدت مجموعات مختلفة من المتطرفين الإسلاميين. وقال إن جهاز سابو يتلقى الآن حوالى 6 آلاف نصيحة استخبارية شهريا، تتعلق بالإرهاب والتطرف مقارنة بمتوسط ألفين فى الشهر خلال عام 2012.

وقال خبير الإرهاب ماجنوس رانستورب، من جامعة الدفاع السويدية، لموقع لوكال إن التطور الذى تشهده السويد يشير إلى أهمية السويد المستقبلية بالنسبة لخلايا داعش فى أوروبا، وأشار إلى أن فى المملكة المتحدة هناك 23 ألف متطرف، وفى بلجيكا هناك 18 ألفا، وفى فرنسا 17 ألفا.

ويقول رانستورب، إن هناك أربعة أسباب وراء زيادة المتطرفين العنيفين: «أولا، هناك التعبئة فى سياق الصراع فى الشرق الأوسط، ولا سيما سوريا، وثانيا هناك وسائل الإعلام الاجتماعية، وهناك تسونامى من الدعاية عالية المستوى مع وسائل الإعلام الاجتماعية، حيث يمكن الوصول إلى غرفة معيشة أى شخص.

والسبب الثالث هو استغلال الأوضاع فيما يسمى بـ المناطق الضعيفة فى السويد، والمناطق ذات معدلات الفقر المرتفعة والجريمة، وارتفاع معدل انتشار التطرف الدينى، والسبب الرابع هو أن الإجراءات الوقائية كانت ترويضية جدا، وإن أصبحت أفضل فى العام الماضى.

فى 7 أبريل قام مواطن أوزبكى، كان قد أبدى تعاطفه مع الجماعات الجهادية بقيادة شاحنة مسروقة ودهس المشاة فى شارع تجارى مزدحم فى ستوكهولم، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 15 آخرين، واتهم أسامة كريم، وهو مواطن سويدى بالتورط فى تفجير مترو بروكسل عام 2016.

وفى عام 2016 قال رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالز، إن أجهزة الشرطة والاستخبارات تراقب 15 ألف شخص مشتبه فى تورطهم فى أعمال إرهابية، مع وجود 14 ألفا يخضعون بالفعل للتحقيقات المتعلقة بمختلف جرائم الإرهاب.

بعد تفجير مانشستر عام 2017، كشفت السلطات الأمنية والمخابرات البريطانية أن هناك بالفعل 500 تحقيق جار مع ثلاثة آلاف شخص، وكان هناك 20 ألف شخص آخر موضع للتحرى فى الماضى.

وفى ألمانيا أعلنت المخابرات أنها سجلت أسماء 10 آلاف من السلفيين الراديكاليين فى عام 2017، أى ضعف العدد المسجل فى عام 2013.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف