المصريون
جمال سلطان
الإرهاب والفساد والدولة المرتبكة
عقد اليوم الخميس الاجتماع الأول للمجلس القومي لمكافحة الإرهاب ، وذلك برئاسة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي ، وهو المجلس الذي أمر السيسي بتأسيسه قبل عدة أشهر لمواجهة الإرهاب والتطرف ووضع استراتيجية واضحة في هذا الإطار ، وقال السفير علاء يوسف المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عقب انتهاء أعمال الاجتماع الأول بأن الرئيس تحدث في بداية الاجتماع عن أهمية دور المجلس القومي خلال هذه المرحلة الهامة التي يمر بها الوطن، لاسيما في ضوء انتشار خطر الإرهاب والتطرف، والذي أصبح ظاهرة تهدد العالم بأسره، وهو ما يتطلب التحرك بخطي ثابتة على المستويين الوطني والدولي من أجل العمل على مكافحة الإرهاب والتطرف بفعّالية ، وأضاف المتحدث الرسمي بأن الرئيس السيسي أكد على أهمية التوصل إلى رؤية شاملة بشأن أفضل السبل لتفعيل عمل المجلس وتمكينه من الاضطلاع بمهامه خلال المرحلة المقبلة من خلال حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية اللازمة للحد من مسببات الإرهاب وجذوره ومعالجة آثاره ، إضافة إلى تطوير الخطاب الديني وتجديده .
في هذا الاجتماع المهم ، لمواجهة الإرهاب وتجديد الخطاب الديني وحماية الوطن من المخاطر التي تتهدده ، كان يشارك أحد المتهمين بالفساد والذين أحالهم النائب العام المستشار نبيل صادق إلى محكمة الجنايات بتهمة إهدار المال العام والتورط في الفساد ، وجاء في بيان النيابة العامة عن وقائع ذلك الاتهام الذي شمل الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق وأحد من اجتمع معهم الرئيس السيسي اليوم ليتشاور معه في مكافحة الإرهاب ، وعضو المجلس القومي لمواجهة الإرهاب ، جاء في البيان قوله نصا : كانت التحقيقات قد أظهرت حصول عدد من كبار رموز نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك وأفراد أسرته والوزراء وعدد من كبار المسئولين فى عهده، على هدايا باهظة الثمن بصورة سنوية منتظمة من مؤسسة الأهرام الصحفية، تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الجنيهات، بدون وجه حق وبالمخالفة للقانون، على نحو يمثل تسهيلا للاستيلاء على المال العام، وتربيحا للغير بدون وجه حق، وإضرارا عمديا بأموال المؤسسات الصحفية القومية .
لا شك أن مواجهة الإرهاب أولوية قصوى للدولة الآن ، بل وللمجتمع نفسه بكل قواه ، لأنه خطر يتهدد الجميع ، غير أن الفساد لا يقل خطورة عن الإرهاب في تهديد الوطن ومقوماته وإرهاقه وتعريضه للانهيار الحقيقي ، بل إن كثيرا من الخبراء يعتبرون أن الفساد أخطر كثيرا من الإرهاب في تهديداته لمقومات الدول وأمنها بمفهومه الشامل ، وبعضهم يعتبر أن مواجهة الإرهاب والفساد قرينان لا ينفصلان إن أرادت الدولة تطهيرا حقيقيا وتمهيد المستقبل أمام نهوضها ، لذلك لا أفهم أن يجتمع اليوم مع رئيس الجمهورية متهم انتهت تحقيقات النيابة العامة إلى إدانته وأمرت بأن يمثل أمام محكمة جنايات القاهرة متهما بالفساد وإهدار المال العام ، فإذا به يجتمع ـ معززا مكرما ـ برئيس الجمهورية اليوم لكي يناقش معه خطط مواجهة الإرهاب ، هذا أمر خارج حدود التصور ، ولا يمكن أن يتم غفلة عن أعين وتقدير وترشيح أجهزة الدولة ومؤسساتها السيادية وغير السيادية ، خاصة وأن الاجتماع كان يحضره وزير الداخلية ورئيس المخابرات العامة ورئيس هيئة الرقابة الإدارية ، إلا أن تكون هناك حالة من ضعف التقدير لخطر الفساد وغياب الجدية اللازمة لمواجهته .
ما حدث اليوم يكشف ببساطة أن الدولة مرتبكة في مواجهة الواقع وتقدير المسئولية ورؤية أولويات التصحيح والإنقاذ ، وأن الأمور تجري فيها بصورة مظهرية وصورية بدون عمل حقيقي وجاد لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الوطن .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف