المصريون
محمود سلطان
مذبحة رابعة.. من يجرؤ على المصارحة؟!
وم 14 أغسطس من كل عام، سيتذكر المصريون مذبحة رابعة.. مجرد ذكرى "مؤلمة"، ولكن بدون أية نية للمراجعة وفتح الملفات.

قد نطالب، ويطالب آخرون بالتحقيق في المذبحة، ولكن سيظل السؤال حاضرًا: من سيحقق؟! ومع من"؟!

في البيئة السياسية الحالية، سيظل الملف معلقًا، إلى أجل غير مسمى.. فالطرفان اللذان صنعا الأزمة: الإخوان "المهزومة".. والقوى الأمنية "المنتصرة"، لا يزالان يمثلان عبئًا لا خلاص منه في هذه المسألة.. الأول يرى أن الوقت غير مناسب لـ"محاكمة سياسية" داخلية لقادة الجماعة الذين أداروا الأزمة، منذ تولي مرسي الحكم، وإلى ما بعد الإطاحة به، وما ترتب عليه من "مذابح" تعرض لها شباب الجماعة والمئات من الإسلاميين المتعاطفين.. والثاني لن يسمح بفتح الملف، لأن في التفاصيل يكمن الشيطان، كما يقول المثل.. فيما سيظل القرار السياسي "السيادي" بالفض، وعلاقته "بأدوات التنفيذ ـ الأمن"، سرًا لن يطلع عليه أحد، إلا من خلال شهادات من داخل النسق السياسي الرسمي الذي أدار الدولة في تلك الفترة.

وعندما نتوقع ـ من قبيل القطع ـ بأن ملف رابعة لن يفتح وسيظل معلقًا، إلى أجل غير مسمى، قد تحدده قدرة النظام الحالي على الصمود واجتياز التحديات القاسية التي تفت في عضده.. فإن ذلك لا يعني بأن الملف سيطوى إلى الأبد.. فهو ملف حقوق إنسان.. ولن يسقط بالتقادم.. وإن التحقيق فيه سيحدث يومًا ما.

وإذا كان المئات من المعتصمين المدنيين قد قُتلوا يوم رابعة.. فإنه في المقابل، قد قُتل العشرات من الشرطة وقوات الأمن.. ولا يجوز أن "يخدعنا" التركيز على الأرقام، ويضلنا عن "الإنصاف"، كأن يُركز فقط على "المئات" الذين قتلوا في رابعة وفي غيرها.. ونتجاهل من قتلوا من الشرطة، ولو كانوا عشرات.. فالدم المصري واحد.. ووجود قتلى من الجانبين، يعيد النظر في مسألة "سلمية" الاعتصامات في الميادين.. وإذا كان الكلام يشير إلى جريمة مروعة ارتكبتها السلطات الأمنية، فإن ذلك لا يعني أن قادة الجماعة الذين أداروا المواجهة "أبرياء".. إذ يوجد جناة من الطرفين يجب أن يخضعوا للمحاكمة.

واستعدادًا لهذا اليوم، فإن تسجيل شهادات من الطرفين يُحتفظ بها ليوم المحاسبة، قد بات من المقتضيات الأساسية لتحقيق العدالة.. ولا أدري ما إذا كان نائب رئيس الوزراء الأسبق د. محمد البرادعي، قد كتب شهادته واحتفظ بها.. خاصة وأنه استقال وغادر البلاد ولم يعد إلى الآن، احتجاجًا على فض رابعة بالقوة.. ويبدو أن لديه الكثير من الأسرار التي يمكن أن تخدم العدالة مستقبلًا.

فيما يبقى الطرف الآخر "الإخوان" أمام اختبار "شفافية" لصيق الفحوى بكل ما هو أخلاقي وإنساني.. وعلى "الشرفاء" من الجماعة أن يسجلوا شهادتهم وأن يعدلوا وينصفوا ولا يجاملوا ولا ينحازوا إلى التنظيم.. ويحددوا بدقة وبحيدة مسئولية قادة الجماعة في صنع هذا اليوم الأسود من تاريخ مصر القديم والمعاصر.
نشر يوم 14 أغسطس من العام الماضي.. فهل تغير شيء؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف