الأهرام
سامى عبد العزيز
خطاب تحذير تحت الباب
خلال رحلتى الى بريطانيا الأسبوع الماضي، أكرمنى صديق ورجل فاضل باستضافتى فى شقته فى منطقة ويستمنيستر .. والرجل لايقيم بهذه الشقة منذ فترة، ولكنه يتردد عليها من حين لآخر.. وأثناء رجوعى إلى الشقة ذات مساء، وجدت خطابا إلى صاحب هذه الشقة أو إلى قاطنى هذا البيت، عنوانه «صوتك له قيمته فلا تخسره»،.. مقدمة الخطاب تدعو المقيم فى هذا البيت إلى أن يسارع بالرد بأى وسيلة اتصال سواء كانت انترنت أم تليفون ، أو رسالة نصية، ويحدد من المقيم فى المكان حاليا، وهل له حق التصويت فى الانتخابات على أشكالها ومستوياتها المختلفة أم لا، وطلب سرعة الرد على هذا الخطاب، فساعى البريد لن يعود مرة أخري، ولن يتم إرسال أى تذكير آخر، وانتهت الرسالة بالتذكير والتحذير بأن عدم الرد سيكلفه ألف جنيه استرليني!!

هذه هى بريطانيا، مهد الديمقراطية وصاحبة أقدم ديمقراطية، تنبه وتحذر وتغرم من يتأخر عن الإفصاح عن بياناته، وعن من له حق التصويت، لأنها تدرك أن ضياع أو غياب صوت واحد له حق التصويت له أكبر الأثر المباشر من ناحية فى تحديد الفائز أو الخاسر من أى انتخابات، والأثر غير المباشر على الديمقراطية وممارساتها على المدى البعيد.. السلبية لها تأثيراتها العاجلة والآجلة.. ولها أوجاعها الفورية والمؤجلة.. نسب المشاركة فى الانتخابات هى مؤشر لصحة الديمقراطية، والتقاعس عنها هو مؤشر لليأس والإحباط ، والعجز عن إحداث التغيير، وهوماأشارت إليه كثير من الدراسات الحديثة .

موضوع المشاركة السياسية، والفعالية السياسية للمواطنين، موضع اهتمام وقلق من الدارسين والممارسين على حد سواء فى الولايات المتحدة.. نجاح أى مرشح مرهون بقدرته على تحريك الشرائح الساكنة أو التى لا تذهب إلى الانتخابات.. أسطورة أوباما الانتخابية فى عام 2008 كانت قائمة على تحريك الشرائح التى لم تكن تذهب إلى الانتخابات يأسا منها، وعدم تصديق لقدرتها على التغيير. .فعلها أوباما وحرك هذه الفئات، فتحركت معه أمريكا كلها .

فى مصر، حدث موقف مماثل، ولكنه عكسي، وأشار إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته فى مؤتمر الإسكندرية للشباب ، حين أشار إلى «الناس اللى فضلوا يروحوا الساحل على التصويت فى الانتخابات» فى إشارة إلى انتخابات 2012 بين شفيق ومرسي، وذهاب مؤيدى شفيق إلى الساحل الشمالى اعتقادا منهم بأن الأمر محسوم له ، وهو ماحدث العكس تماما!! وفى رأيي، أن المشاركة السياسية فى الانتخابات ليست اختيارية، وماينبغى أن تكون كذلك ..لابد من ربط المشاركة بعدد من الفوائد والمزايا المباشرة التى تعود على المواطنين فى حالة التصويت، ومجموعة من العقوبات المباشرة التى تقع عليه حين التقاعس عن التصويت.. حرمان المواطن من بعض الخدمات فى حالة تقاعسه عن التصويت ضرورة لحثه على المشاركة. المشاركة تعود ويجب أن تكون إجبارية فى البداية، مثلها مثل الصلاة، تبدأ إجباريا وبالعقاب على تركها، وتنتهى بالتعود عليها، والتمتع بأدائها، والمثابرة عليها.. المشاركة هى الحد الفاصل بين الوطنية وغير الوطنية، وبين المسئولية وغير المسئولية.. المشاركة هى عنوان المستقبل لمن كان له بصر أو ألقى السمع وهو شهيد..

أتمنى ان يأتى اليوم الذى نؤمن فيه بأهمية المشاركة فى الانتخابات، وبأهمية التصويت.. نريدها عادة سلوكية يفعلها المواطن وهو مدرك لفائدتها المباشرة عليه، وعلى مستقبل أولاده...
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف