جريدة روزاليوسف
رشاد كامل
هكذا تحدث حمدى الكنيسى!
أكره الصراخ والزعيق والشعارات الزاعقة فى كل شىء سواء كان هذا الشىء مقالا مكتوبا أو حواراً أو ندوة على شاشة الفضائيات!
وكثيراً ما ينتابنى شعور وإحساس بأن هذا الصراخ والزعيق والكلام الكبير الذى لا معنى له يخفى عجزاً مهنياً واضحاً وقصوراً فى المعرفة والمعلومات والحقائق عند من يتحدث أو يكتب لا فرق بينهما!
وهذا بالضبط هو أكبر ما تعانى منه الفضائيات هذه الأيام، سواء كانت عربية أو مصرية، سواء كانت فضائيات سياسية أو فضائيات تناقش وتحلل أحوال الكرة، فالصراخ والتشنج والتشويح بالأيدى وانفلات الأعصاب هى أكثر ما تلاحظه.
كذلك أتوقف طويلا بالاحترام والتقدير والانتباه لأى صوت إعلامى عاقل ومتزن سلاحه المعلومة لا الشتيمة والتفكير لا التكفير.. الذى يملأ عقلك بالنور والمعرفة وليس من يملأ الدنيا والشاشة سواداً وظلاما!
ربما لهذا أتوقف دائما أمام الإعلامى الكبير الأستاذ «حمدى الكنيسى» عضو الهيئة الوطنية للإعلام ورئيس اللجنة التأسيسية للإعلام، وقبل ذلك الخبير الإعلامى باليونسكو وعشرات المناصب الإعلامية التى أضاف إليها علمه وخبرته.
لقد توقفت بإعجاب أمام حوار صحفى مهم لحمدى الكنيسى مع الزميلة الاستاذة «راوية عبدالبارى» نشرته الأخبار منذ أيام، والحوار ممتع وصادق وصارم فى صراحته وجرأته عندما يجىء على لسان أول نقيب للإعلاميين! وهذا بعض مما قاله:
«الإعلام بصفة عامة يفقد تأثيره إذا تأرجح بين التهوين والدعاية الصاخبة والنهوض وتجاهل الانجازات! ما بين التهويل والتهوين يرتبك أى إعلام فلو قدمنا الحقائق بشكل موضوعى ودون زعيق ومبالغات سوف نحقق المصداقية واحترام المشاهد والمستمع بعيداً عن أى اتهام بالتطبيل والمبالغة»!
وحول رؤيته للمشهد الإعلامى تحدث بنفس الصراحة قائلا: «مر الإعلام المصرى بعد ثورة يناير بمرحلتين بالغتى الأهمية فلا ينكر أحد أن الإعلام ساهم بشكل واضح فى ثورة 25 يناير وساهم بشكل أقوى فى ثورة 30 يونيو وفى حشد الجماهير ضد النظام الشمولى والاستبدادى وأسقطه بالفعل فى 25 يناير 2011 وعندما اقتنصت الجماعة الإرهابية نتائج هذه الثورة وسرقت الحكم وبدأت على الفور فى محاولة طمس الهوية المصرية وأقامت نظاما فاشيا استفزازيا واستبداديا» على الفور نهض الإعلام ليفجر الثورة الثانية فى 30 يونيو ونجح فى إسقاط النظام الإخوانى فى زمن قياسى!
ولكن المشهد الإعلامى ارتبك بعد ذلك عندما رفضت الجماعة الاستجابة للإرادة الشعبية وبدأت المقاومة بالمظاهرات المفتعلة والمؤامرات وحالات العنف المختلفة بتنسيق ودعم من أعداء مصر فى الخارج، وانضم إليهم بعض الذين يريدون الحصول على مناصب ومكاسب سياسية واقتصادية وهنا ارتبك الإعلام وفقد دوره المباشر وتراجع هذا الدور فى حشد الجماهير بالصورة التى حققها فى ثورتى يناير ويونيو.
بل للأسف الشديد ساهم بعض الإعلاميين فى عمل حالة من الانشقاق فى الشارع المصرى بل داخل الأسرة المصرية ذاتها، فرأينا أن من يرى ثورة يونيو وكأنها ليست امتداداً لثورة 2011، ورأينا إعلاما يقوم بالتعتيم على إنجازات كبرى حققتها ثورة يونيو ومشروعات عملاقة خاصة فى ظل الدور الوطنى الكبير الذى قام به «السيسى» سواء بدعم ومساندة ثورة يونيو أو إطلاق المشروعات الكبرى مثل محور قناة السويس أو شبكة الطرق الكبرى أو مشروع المليون ونصف المليون فدان وشبكة الكهرباء والصرف الصحى».
ما قاله الاستاذ «حمدى الكنيسى» مهم وصادق وليسمح لى أن أضيف إلى ما قاله هو إن مأساة الإعلام الحقيقية عندما تصور بعض المذيعين أنهم زعماء وقادة يحركون ويؤثرون فى المشاهدين، وأنهم وحدهم من يمتلك الحقيقة المطلقة، وما على المشاهدين إلا الرؤية والسمع والطاعة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف