المصرى اليوم
محمد السيد صالح
حكايات السبت :«تثبيت الدولة»
من «تثبيت الدولة» و«الفوبيا» السائدة حالياً فى عدد من وسائل الإعلام بمخاطر المساس بالاستقرار، إلى جزء يسير مما حدث مع الدكتور إسماعيل سراج الدين، أتمنى انتهاء أزمته الحالية بسلام وهدوء.

طفت فى هذه «الحكايات» أيضاً بقضية زيارة البطلة فريدة عثمان لـ«المصرى اليوم» ولقائى بعدد من الأصدقاء دُفعتى بعد نحو ثلاثين عاماً من التخرُّج.. ووصلت إلى شوارع الجيزة.. وتلال القمامة فيها التى أصبحت تنافس الأهرامات.

أعجبنى ثلاث مقالات فقط قرأتها الأسبوع الماضى عن «بناء الدولة» وقوَّتها النابعة من احترام الدستور، والحريات العامة، وحقوق الإنسان وفقاً للمعايير السائدة وليس بإشاعة «فوبيا إسقاط الدولة». كتبت الأسبوع الماضى عن قوة الدولة المصرية، وأن عناصر القوة لدينا نابعة من عقيدة جيشنا ووحدة الشعب وتمسكه بأرضه رغماً عن كل الظروف. وكنت أتصور أن الحملة شبه المنظمة المستمرة حتى الآن بتخويف الناس من «فوبيا إسقاط الدولة» ستنتهى سريعاً.. لكنى كنت مخطئاً، فالأمر مستمر لوقت ليس بالقصير، كما علمت بذلك قبل أيام محدودة.

عدد من الفاعلين إلى جوار الرئيس، وهم أقرب مستشاريه، مثقفون ومؤمنون بالصحافة الحرة. يعجبهم كُتَّابٌ ليبراليون حتى لو اختلفوا مع منهج الرئيس. يتفاعلون معهم بالاتصالات الهاتفية، وأحياناً بالمقابلات الشخصية. هؤلاء يقرأون ما يُكتب عن «الحملة» وهم مقتنعون بالثغرات الموجودة فيها. مجموعة أخرى تعمل فى نفس المستوى، وفى «جهات سيادية»، ترى أنه من المهم تثبيت حالة المسؤولية والاهتمام لدى الرأى العام بما يستهدفنا من مخاطر مرصودة أو متوقعة.. وهؤلاء هم المخططون بل المنفِّذون للحملة الحالية، التى تفاعلت معها صحف وفضائيات عديدة.. وكذلك كُتَّابٌ عديدون.

أنا كنت شاهداً على مناقشات رائعة دارت حول المخاوف من هذه «الحملة» والنتائج العكسية التى قد تصنعها. واستمعت إلى آراء محترمة حول أهمية التكاتف فى هذه الظروف الحساسة سياسياً واقتصادياً، وأنه من المهم التواصل مع المخالفين فى الرأى من السياسيين والكُتَّاب والإعلاميين بشتى الطرق.

المهم أن الفريقين، ومعهم عدد ليس بالقليل من المستشارين والإعلاميين - يرون أن النموذج الغربى الليبرالى ليس هو المثال الوحيد للتقدُّم فى هذه الظروف، وأن نموذج التنمية على الطريقة الصينية أو دولة الرفاهية على الطريقة الإماراتية أو السعودية قد يكونان الأنسب لنا مع التحديات الحاصلة، وخاصة تمدُّد الجماعات الإرهابية فى المنطقة.

تساؤلات صديقى

سألنى صديقٌ أثق فيه بصوت خافت: هل هى مصادفة أن يذهب الرئيس للمرة الأولى لمكتبة الإسكندرية بعد أن غادرها مديرها السابق د. إسماعيل سراج الدين بأسابيع معدودة؟ وهل هى مصادفة أيضاً أن يتم فتح ملفه فى القضاء بحبسه ثلاث سنوات بعد مؤتمر الشباب بأيام معدودة. صحيح أن الحكم صادر من محكمة جنح.. لكنه رسالة. ويتواصل صوت صديقى الخافت: وهل هى مصادفة أن يقترن اسم سراج الدين فى الخبر باسم سوزان مبارك، ولتحتفى به الصحف.. وكذلك فى المواقع الإخبارية جميعها؟. قاطعته وقلت له: سأحاول الإجابة ولكن سأبدأ من آخر تساؤل لديك: سراج الدين شخصية عامة وأى خبر بشأنه سيُقرأ جيداً. عليك أن تسأل: هل الخبر بشأنه جاء صادقاً أم لا؟. هل حاولت صحيفة أو موقع التشهير بالرجل؟.

أما تساؤلك الأول فأنا معك.. الرئيس السيسى- على ما أعتقد- لم يكن بينه وبين سراج الدين جسور مودة.. «الكيمياء» بينهما كانت غائبة. من حق الرئيس أن يختار رجاله. ربما وصلت الرئيسَ معلوماتٌ أو تقاريرُ حول ثناء متواصل من سراج الدين لمبارك وقرينته سوزان. كان الرجل المثقف والحاصل على مكانة دولية رائدة، وعمل لسنوات فى البنك الدولى ورشحته أفريقيا من قبل لرئاسة اليونسكو، يتحدث بتوازن عن الجميع وفَضْلهم فى بناء المكتبة. كان يتحدث أثناء ذلك عن سوزان مبارك، لكنى لا أعتقد أن دخول الرئيس المكتبة لأول مرة خلال فعاليات مؤتمر الشباب وإصراره على عقد المؤتمر هناك، له علاقة برحيل سراج الدين بقدر ما كان دعماً للدكتور مصطفى الفقى، المدير الجديد للمكتبة.

الرجل دبلوماسى سابق ومفكر عميق وله إسهام مُهمٌّ- أنا شاهدٌ عليه- فى إحداث جسر سياسى وثقافى بين مصر وعدد من دول الخليج، خاصة السعودية، والسيسى يثق فى عقله وحكمته.. ويدعمه ويدعم «المكتبة».

والأهم يا صديقى فى استفساراتك أن لدينا قضاءً مستقلاً.. وكما علمت من مصادر فى «المكتبة» فإن «الحكم» ملىء بالثغرات وسيتم الاستئناف سريعاً.

بعدها بثوانٍ فوجئت بتساؤل آخر من صديقى: وهل هى مصادفة أن يتم فتح ملف هدايا الأهرام مجدداً فى نفس الأسبوع؟.. ألا تعرف أن الوضع الصحى لإبراهيم نافع صعب جداً، وأن الرجل أفضى لمقربين منه أنه يريد أن يعيش أيامه الأخيرة.. ثم يدفن فى مصر؟. هو يعيش فى الإمارات حالياً. ألا تعلم أن قرار الإحالة فيه رئيس مجلس إدارة سابق متوفَّى وهو الأستاذ صلاح الغمرى، ثم قال: أكيد أنت تعلم أن الدكتور عبدالمنعم سعيد هو عضو مختار بقرار رئاسى فى المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب. أنت تعرف حكمة الرجل ودعمه للرئيس.. كيف يستقيم الأمر وهناك من يريد أن يشغل الساحة بأمور فرعية لا طائل من ورائها؟.

لم أُجِب لمدة طويلة، ثم قلت لصديقى: قضاؤنا مستقل يا صديقى.. الدولة تكافح الفساد.. وسيخرج صوتٌ عاقلٌ لتصحيح المسار وإعادة الاعتبار للرموز التى خدمت البلد بإخلاص وأمانة فى أى عهد ومع أى رئيس.

موسى صبرى وسعدة

لو عادت الحياة لموسى صبرى- رحمه الله- وكتب جزءاً جديداً من رائعته التى مزجت السياسة بالصحافة بالأدب «دموع صاحبة الجلالة» الآن، فما هى ملامح حبكته؟، هل سيصر على اسم البطل «محفوظ عجب» ويُغيِّر من ملامحه ليرتدى زياً عصرياً يتناسب مع موضة 2017، أم سيختار له اسماً جديداً؟، هل سيجعل «محفوظ» صحفياً فى جريدة قومية أم حزبية أم مستقلة؟، هل سيظهر كمذيع على شاشة الفضائيات. تطوَّر الأمر كثيراً، وبات معقداً للغاية.

دخلت فى مناقشة ممتدة مع مجموعة من الزملاء الأسبوع الماضى عن أكثر الصحفيين مهارة فى العقود الأخيرة، فقلت بلا تردد: موسى صبرى.. وشرحت مبرراتى: يعجبنى الصحفى أو الكاتب الذى يجيد الإبداع فى أكثر من قالب صحفى وأدبى. يحافظ على خطه السياسى ولا يتغيَّر بسهولة. يستطيع الكتابة بسلاسة وقوة فى آن واحد. كنت أقرأ بعمق وأنا فى نهاية المراهقة ومطلع الشباب تحليلاته السياسية فى «الأخبار»، وفى اليوم التالى تأخذنى مقالاته الأدبية الناعمة فى «آخر ساعة». أعتبر إبراهيم سعدة أيضاً واحداً من أصحاب القلم الرشيق والعميق فى آن واحد. كنت أتمنى عودته إلى «أخبار اليوم» وكنت ضمن المهنئين للزميل عمرو الخياط، رئيس التحرير، بعد أن قرأت خبر عودته للكتابة الأسبوعية، ولكن لم يَعُدْ، وأعتقد أنه لن يعود قريباً. أتمنى ألا تكون أسباباً سياسية هى التى حالت دون إتمام هذه الخطوة.

لا أنسى لـ«سعدة» مقالاته الجريئة والخارجة عن الخط السياسى والصحفى خلال عهد مبارك. كان جريئاً وقوياً ومستقلاً.

«الدفعة» وخالد رزق

30 عاماً بالتمام والكمال مرَّت على تخرجى فى الكلية. أحد الأصدقاء ذكَّرنا بهذه المعلومة على سلالم نقابة الصحفيين بعد منتصف ليل الثلاثاء الماضى. كنا ثمانية أصدقاء، جميعناً من دفعة إعلام 1987. فرَّقتنا الأيام وظروف العمل فى داخل مصر وفى الخليج. أنا وهم ننتمى إلى ما يسميه زميلى «أحمد إمام» على الجروب الخاص بالدفعة: «دفعة المتميزين». أنا لا أدَّعى ذلك. عدد كبير من هذه الدفعة ناجح فى عمله. منا محظوظون.. وموهوبون وصلوا لمناصب رفيعة فى الصحف التى نعمل بها. عدد من المشاهير زملاؤنا أو أصدقاؤنا، لن أكرر أسماءهم الآن؛ فقد نشرتُ ذلك من قبل.

ينافسنا فقط شهرةً دفعةُ إعلام 1986. هم أكثر انتشاراً منا فى الصحف والفضائيات. كتبت ذات مرة مقالاً فى «المصرى اليوم» عن فيلم أمريكى يلتقى أبطاله فى الذكرى العشرين لتخرُّجهم من المدرسة الثانوية، وقد تفرَّقوا إلى مِهَنٍ مختلفة، وبعضها كان غريباً وقاسياً، لدرجة أن أحد الخريجين كانت مهنته «قاتل محترف»، وحين جاء للاحتفال كانت فرصة لأعدائه لمطاردته وقتله. الحمد لله زملائى السبعة: محمد محمدين، وصالح الفيتانى، ومحمود عبدالشكور، وأحمد العملة، وعبدالله عبدالسلام، ود. مصطفى عبدالوهاب، وعبدالرحمن إسماعيل، وأنا معهم نعمل بالصحافة والتليفزيون.. فقط انشغلنا فى هذا اللقاء بذكر مآثر وصفات صديقنا وزميل دفعتنا الذى رحل الأسبوع الماضى فقط خالد رزق، رئيس القناة الأولى السابق. كان أطيب قلب فى دفعتنا، وفى منزل عائلته بشبين الكوم كنا نحظى بمعاملة الأهل. حكى لى صديق وزميل أثق فيه الجزء الأخير من حكاية مرضه الذى توفى بسببه.. وكذلك شكوكه من تعرُّضه للظلم آخر أيامه.. أتمنى ألا يكون ذلك صحيحاً. أتمنى ألا يحقق الزميل حسين زين تطوير ماسبيرو على حساب ظلم أى عامل فى المبنى.

فريدة وإدريس

ازدحمت صالة التحرير لمصافحة البطلة فريدة عثمان، الحاصلة على الميدالية البرونزية فى بطولة العالم للسباحة، فى إنجاز هو الأول فى تاريخ مصر. شكراً لزميلى المحترم والمتألق بليغ أبوعايد؛ فصداقته المتينة مع المهندس ياسر إدريس، رئيس اتحاد السباحة، وتواصله مع فريدة وباقى الزملاء فى منتخب السباحة جعلتنا أول مَنْ يُكرِّم البطلة. فريدة جاءت مع والدتها الدكتورة راندا السلاوى، عميدة كلية طب الأسنان بجامعة نيو جيزة، وكذلك بحضور إدريس نفسه.

الشكر موصول للزميل محمد الشرقاوى- رئيس القسم الرياضى- وباقى كتيبته المتألقين فى القسم. ما إن انتهت الندوة، التى اهتم بها موقعنا، ونشرتنا على «القاهرة والناس».. حتى كانت بعدها بأقل من ساعة جاهزة للنشر فى الصحيفة بجهد متميز للزميل أيمن هريدى.

لا أجد ما أضيفه هنا إلا ما قلته لوزير الشباب والرياضة المهندس خالد عبدالعزيز هاتفياً: لدينا نماذج نجاح من عينه «إدريس». رجل إدارى وعفُّ اللسان.. لماذا لا نشجعه على أن تكون محطته القادمة رئاسة ناديه بشعبيته الكبرى. لم يعلق الوزير.. واكتفى بالضحك. الوزير يجمعه وإدريس.. وأنا معهم تشجيع نادى الزمالك.. والانتماء له!

«زبالة» الجيزة

عشت نحو ثلاثين عاماً فى الجيزة طالباً فى جامعة القاهرة، ثم مقيماً فى أكثر من عنوان بالمحافظة، سواءً فى مرحلة العزوبية أو بعد الزواج. أشهد أننى لم أرَ شوارعها أبداً نظيفة. مرَّ عليها محافظون محترمون للغاية. بعضهم أدَّى بشكل جيد، لكن ظلت شوارع المحافظة متمسكة بتلال القمامة فيها وكأنها أحد المعالم المطلوب حمايتها. أحد المحافظين السابقين أشرف بنفسه على توزيع مئات اللافتات عنوانها «الجيزة محافظة جميلة»، وبعد فترة كانت تلال القمامة يتم تخزينها أسفلها. المحافظ الحالى اللواء كمال الدالى أحد أبناء المحافظة، عمل من قبل مديراً للأمن بالجيزة.. استبشر الناس به خيراً، ولكن ازدادت تلال القمامة فى عهده. هل يتغير الوضع قريباً؟.. لا أعتقد. هل ننتظر إنشاء الشركة القابضة للنظافة حتى تنظيف شوارع الجيزة وغيرها من المحافظات؟. لو كنت محافظاً لجعلت هذه القضية شغلى الشاغل، ستنتهى مهمتك يوماً ويقول الناس: ذهب «الدالى» ولم يترك أى بصمة فى نظافة أو تجميل المحافظة السياحية الأولى فى مصر.

أعرف أن تقارير عديدة على مكتب المسؤولين، ومنهم وزير التنمية المحلية الدكتور هشام الشريف بشأن النظافة، وخاصة فى الجيزة. كثيرون- وأنا منهم- قالوا للشريف: وضع محافظة الجيزة غاية فى السوء.. ومطلوب تدخل عاجل. أتمنى أن أرى هذا التدخل. لا تنتظروا إنشاء «الشركة القابضة».. ولا حل أزمات الشركات الأجنبية ولا تأملوا خيراً كثيراً من «هيئة النظافة». مطلوب حل عاجل وسريع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف