الأهرام
سيد على
البحث عن تنظيم للشباب
وكأن الشباب اختراع معقد حتى تفشل السلطة على مدى 65 عاما فى تقنين تعاملها معه دون عصبية، خاصة أن السلطة حينما تحارب شطط بعض الشباب تبدو المسألة عبثية كأن هناك فيلا يحارب نملة، وعلى مدى عمر الحكومة فى مصر منذ أصبحت جمهورية فشلت فى البحث عن قنوات وهياكل تستوعب فائض الطاقة عند الشباب، وبغض النظر عن المؤتمرات التى تعقد وتسليط الضوء على بعض النماذج المبهرة فإنها لاتتعدى بضع مئات منهم، بينما هناك عشرات الملايين الذين لايجدون حتى من يستمع لهم، ومن ثم تصبح تلك المؤتمرات بالنسبة لهم سلبية وربما يقيمون الحواجز مع من حضرها بوصفهم من أصحاب الحظوة المدعوين.

ولم يلحظ المنظمون أن هناك صراعا كبيرا فى معظم الاحزاب والحركات الاسلامية بين الشباب والكهول، ومع هذا لم يستفد أحد من السلطة فى استغلال هذا الفراغ واستقطابهم. ولم يراجع أحد الفشل المتكرر للتنظيمات الشبابية التى نشأت فى حضن السلطة من منظمة الشباب لجمعية جيل المستقبل، وحتى البرنامج الرئاسى للشباب يتعامل معه البعض وكأنه إحدى دورات صقل المهارات للتشغيل وليس للتثقيف، والامر يبدو وكأننا نعيد إنتاج الماضى بكل سلبياته ونتوقع نتائج مختلفة فى ظل موت السياسة وحالة الفراغ للشباب العاطل الفاقد للحلم والطموح.

ومن المعروف أن التنظيمات المتطرفة استغلت الفراغ والقصور وعملت على تجنيد الشباب فى تنظيمات سرية وأسست تنظيمات ماركسية وشيوعية، وتشكلت فروع لحزب البعث فى المحافظات، واحتدمت الصراعات فى النقابات والجامعات وعادت الاستقطابات لجماعة الاخوان مما أدى لاعتقالات 1959- 1960، وبعد صدور الميثاق تم الإفراج عن المعتقلين السياسيين وقرر عبدالناصر تأسيس منظمة الشباب الاشتراكى أواخر1963بقيادة زكريا محيى الدين وتقدم نحو 30 ألفا وكانت المعسكرات التى تمتد ثلاثة أشهر هى الطريقة المثلى لإعداد الكوادر وتم الإعلان عنها رسميا عام ،1966 أى أنها نشأت فى حضن السلطة ثم كان أن تلاشت عندما قرر السادات التطهير فى 15 مايو 1971 وبدا أن كان التنظيم السياسى والشبابى من ورق ولم يصمد لمدة ثوان، رغم أن كل عناصر القوة كانت بين أيديهم وبعدها ظهرت فكرة مراكز إعداد القادة فى حلوان ولم تختلف عن سابقتها حتى جاء جمال مبارك وأنشأ جمعية جيل المستقبل التى تشكلت من الوزراء ورجال الاعمال عام 1998 وعندما وقعت الواقعة فى يناير2011 تبخر حزب السلطة وجمعيته الشبابية، وبدا أنهم كانوا ينتمون لأنفسهم أكثر من إخلاصهم للوطن أو حتى للحزب الذى كانوا يطبلون له.

وهنا تبدو ملاحظة غير مفهومة لماذا يغيب دوما عن مؤتمرات الشباب هؤلاء الذين قادوا حركة تمرد وشباب حزب مستقبل وطن، هل انتهت مهمتهم وصاروا خارج الخدمة؟! وظنى أن تلك رسالة سلبية لمن يفهم.

والأمر المؤكد أن الحل البسيط والمؤثر فى عودة الاتحادات الطلابية، بوصفها هى المصنع الوحيد للتربية السياسية وإيجاد الكوادر واكتشافها مبكرا ولديها الوقت الكافى لتصويب الشطط والأخطاء والمنفذ الطبيعى لتفريغ فائض الغلو والطاقة السلبية بل وترويضها، ثم إن معظم قيادات العالم تخرجت من مدرسة الاتحادات الطلابية، والأمر المؤكد أن العنف والتطرف كان نتيجة تأميم النشاط الطلابى وفرض الوصاية على الحركة الطلابية الامر الذى فصل الجامعة عن المجتمع وذهب فائض الطاقة الشبابى للعمل تحت الأرض بدلا ما كان فى العلن وتحت عينيها عندما كان النشاط الطلابى فى عز قوته بالجامعات.

وبغض النظر عن تفاصيل اللوائح الطلابية التى لا تتفق مع نصوص الدستور الجديد الذى فرض التعددية كنظام للحكم وتلك مهمة الاحزاب وليس السلطة، وتربية الشباب لا يكون بفرض الأفكار عليه بل الذكاء فى ترويضه وجعله يختار ما نريد وليس ما نفرضه عليه، لأن تلك الأساليب قديمة لعصر مضى أيام الحزب الواحد والتنظيم الواحد، ثم إن التركيز على شباب البرنامج الرئاسى يمنح بعضهم نجومية غير مستحقة، ثم إن الإبهار الظاهر والملابس وأرستقراطية المؤتمرات قد لا تتناسب مع بساطة الشباب وتحررهم خاصة إذا كنا فى بلد فقير قوى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف