المصرى اليوم
سعد الدين ابراهيم
مصريات ريفيات مُتمردات فى بلاد العم سام
قضيت الأسبوع الثانى من شهر رمضان 1438 فى الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة كريمة من الوقفية الأهلية للديمقراطية، للمُشاركة فى لقاء حول السياسة الخارجية لإدارة الرئيس دونالد ترامب، وآفاق نجاحها فى التعامل مع مشكلات الشرق الأوسط المُزمنة، وهو ما يتطلب مقالاً أو أكثر، فى المستقبل. وعلى هامش زيارتى التقيت بالجالية المصرية، وشاركت فى أكثر من إفطار رمضانى دعانى إليه من أقطاب الجالية على التوالى: د.أحمد صبحى منصور، ود.مختار كامل، ود.أحمد غيث، وعُمر عفيفى. وكالعادة، يكون ما يحدث فى مصر، والشرق الأوسط، والوطن العربى مادة غنية للحوار والجدل والاختلاف.


ولأن عدداً من الذين حضروا هذه الأمسيات الرمضانية سبق لهم العمل معى فى مركز ابن خلدون للدراسات الديمقراطية، فقد كنت حريصاً على معرفة أخبارهم المهنية والشخصية، والعائلية.

وكان لافتاً لنظرى، ومحل اهتمامى ظاهرة ارتفاع حالات الطلاق بين من تزوج منهم فى السنوات العشر الأخيرة. بل إن أحدهم تزوج وطلق ثلاث مرات!

هنا خلعت معطف عالم السياسة، وارتديت معطف عالم الاجتماع، للاستقصاء والتعمق لتلك الظاهرة، خاصة أن لها من حيث الكم مثيلا فى مصر. نشر مؤخراً الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ما يُشير إلى أنه مع كل عشر حالات زواج تقع أربع حالات طلاق. وهو ما يجعل المصريين من أكثر شعوب العالم لجوءاً للطلاق. فهل المصريون فى الخارج امتداد طبق الأصل لإخوانهم فى الداخل؟ وكيف يتأتى ذلك مع غياب أحد أسباب الطلاق فى الداخل المصرى، وهو السبب الاقتصادى، أى ضيق ذات اليد. فأعضاء الجالية ميسورون، والحمد لله.

وبالغوص والتعميق قليلاً، اتضح لى الآتى:

1- إن عدداً من هؤلاء المصريين كان حريصاً، بعد أن استقرت أمورهم فى المهجر بالزواج من مصريات ، لا من أمريكيات، تمسكا منهم بالتقاليد، وحرصاً على مستقبل الأبناء من حيث اللغة والدين مستقبلاً.

2- ولوجودهم فى قارة أخرى، على مسافة آلاف الأميال من الوطن الأم، فإنهم يطلبون من ذويهم فى مصر المُساعدة فى إيجاد بنت الحلال، من الأقارب أو المعارف، مع تفضيل أن تكون ريفية مُحافظة، صغيرة العُمر، أى تحت العشرين.

3- ولأن عريساً مصرياً أمريكياً يُعتبر فُرصة ذهبية لكثير من البنات المصريات ولأسرهن، فإن مُهاجراً مصرياً فى أمريكا، حتى لو كان تعليمه متوسطاً، أو حتى دون المتوسط، لا تجد أسرته صعوبة فى ترشيح عروس من خريجات الجامعة، أو حتى من حملة الماجستير أو الدكتوراه المصرية!

4- ويتم الاتفاق بين أسرتى العريس والعروسة الريفية، وقد يتم التواصل تليفونياً أو بريدياً، ومؤخراً إلكترونياً، وتتم المراسم بالوكالة، ويتم نصف العُرس فى مصر، والنصف الآخر مع وصول العروس إلى أرض العم سام الأمريكية، وسط أصدقائه ومعارفه من أبناء الجالية المصرية.

5- وتدريجياً تبدأ الزوجة الوافدة حديثاً من الوطن الأم فى التأقلم، وإجادة اللغة الإنجليزية، والاختلاط بمصريات وعربيات وأجنبيات أخريات. وتبدأ الزوجة فى الانفتاح على الثقافة الأمريكية التى تؤكد المُساواة بين الذكور والإناث فى كل شىء، بما فى ذلك الحق فى التمتع بكل شىء، بما فى ذلك الإشباع الجنسى، والذمة المالية المستقلة، والعمل والسفر، دون إذن مُسبق أو مكتوب من الزوج!

6- وفى أجواء الحُرية وتعدد البدائل والاختيارات تبدأ بعض الزوجات فى المُطالبة بحقوقهن وسط الدهشة الشديدة للأزواج الذين كانوا يعتقدون أنهم قد تزوجوا قططاً مُغمضات العيون، يقومون هم بتفتيحهن وتنشئتهن طبقاً لميول ورغبات هؤلاء الأزواج.

7- ورغم أن قوانين الأحوال الشخصية تختلف من ولاية أمريكية إلى ولاية أخرى، فقد تعلمت الزوجات المصريات الوافدات من بعضهن البعض، أو من معارفهن الجديدات من الأمريكيات، أى الولايات تكون أفضل لهن فى حالة الرغبة فى الطلاق أو الانفصال عن الزوج. ولا يُعتد فى هذه الحالة بأى قوانين مصرية أو إسلامية.

8- ومن حقائق وطرائف الحياة الأمريكية أنه فى حالة الطلاق فإنه يكون للزوجة الحق فى نصف مُمتلكات الزوج، إلى جانب كفالة حق الأطفال فى نفقة شهرية، وهم فى رعاية الزوجة المُطلقة.

9- علمت، بل قابلت عدداً من المُحاميات الأمريكيات من أصول مصرية أو عربية أو مُسلمة، وهن ينشطن فى كل ما يتعلق بقوانين الهجرة والمُهاجرين والأحوال الشخصية. وهن دائماً على استعداد تام، وأحياناً بالمجان، أى تطوعاً، للوكالة عن الزوجات المصريات اللاتى يرغبن فى الطلاق.

10- قال لى أحد الأزواج إن إحدى زيجاته من مصر، التى تم الزواج، والطلاق منها، قد تكلف مائتى ألف دولار، كانت كل تحويشة عشر سنوات فى المهجر. وهذا كله، كما قال هو ساخراً من نفسه، لأننى طلبت من أسرتى قطة مغمضة لأقوم بتشكيلها على يدى. وانتهى الأمر أنها هى التى علمتنى الأدب، وسامتنى العذاب، ونهبت كل ما كنت قد ادخرته من سنوات! والأطرف من كل ذلك أن الزوجات المصريات اللائى يطلبن ويحصلن على الطلاق ونصف أملاك أزواجهن، لا يعدن إلى مصر، ولكن هن مستمرات فى المعيشة والعمل فى الولايات المتحدة. فويل للرجال الذين يُريدون أو يبحثون عن قطط مصريات مغمضات الأعين، مستسلمات لرغباتهم، فهم سيكتشفون سريعاً، أو بعد فوات الأوان أنهم قد تزوجوا نمرات (جمع مؤنث نمر) شرسات.

فلا حول ولا قوة إلا بالله..

وعلى الله قصد السبيل
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف