الأهرام
جمال الشاعر
مصر على «الشيزلونج»
اتكلم .. خايف ..السكوت أحسن .. لو تكلمت مت .. إذا لم تتكلم ستموت أيضا .. تاريخ البشرية يتلخص في كلمتين ( الكلام أو الموت ).

مصطفي صفوان عالم التحليل النفسي المصري العالمي في عقده التاسع يمشي علي عكازته الرشيقة ويتحاور مع الصمت.

علي غير ميعاد ،كانت مقابلة سريعة معه علي شرف الموج في الساحل الشمالي.

قلت له مصر محتاجاك يادكتور، نريد أن نعرف حجم التحولات في الشخصية المصرية في العقد الأخير .. ابتسم وتمتم بكلمات غامضة وسرح ببصره في الأفق البعيد .. استرجعت أفكاره ورؤيته الإصلاحية.

يقول: زمان كانت العزيمة أمضي لأن العدو واضح وهو الاستعمار .. أجنبي ومحتل وليس مجرد سلطة نشأت من داخل البلد كان التجرؤ عليه أعنف، ولكنه استدرك وأشار إلي ديناميكية المجتمع قبل ثورة 52 وقدرته علي تغيير الحكومات في ظل وجود الأحزاب والدستور .. ويقول صفوان إن قوة أمريكا الحقيقية ليست في الجيوش والطائرات والأسلحة النووية ولكن في الدستور الذي وضعه حكماء عظماء والتزمت به الدولة ولم يلمسه أحد حتي الآن .. إنها قيم الحرية والعدل والمساواة ويشير إلي الفرق بين الشخصية المصرية والأمريكية في النظرة إلي القيم علي سبيل المثال العامل المصري يتحدث دائما عن الرزق والحظ والنصيب والأمريكي يتحدث عن الأجر والتنافسية .. ويسمي الأشياء بمسمياتها وبالتالي لاتضيع الحقوق بين مشاعر مضطربة في الحسد والإحباط وغياب العدالة، كما أن المجتمع هناك يفرح بنجاحات الآخرين ويري فيها سعادة تعم علي البلاد والعباد وعلي الشيزلونج. أيضا يري صفوان أن اللغة العربية الفصحي التي نعشقها ويعشقها هو، يري أنها لغة الكتاب والنخبة التي تكلم بعضها بعضا ولاتصل إلي الشعوب وبالتالي لايكون هناك تأثير علي الجماهير وتستفرد السلطة بالنخبة من جهة وتحاصرها كما تستفرد بالجماهير من ناحية أخري وتسيطر عليها طوال الوقت، ويحرض علي الكتابة بالعامية ويري أن فيها طاقة إبداعية ,من الواضح هنا أنه يركز علي ازدواجية اللغة التي تؤدي بدورها إلي ازدواجية فكرية واجتماعية.

طبعا لم يشر إلي اللغة الثالثة التي اخترعها الشباب والتي تعمق كارثة الاغتراب.

مصطفي صفوان شخصيا فكر في ترجمة هاملت رائعة شكسبير إلي العامية المصرية، ويؤكد أن شكسبير كانت لغته تصل إلي البسطاء وإلي كل الناس. عقلية بقامة عالم مصري شرح فرويد للعالم وتتلمذ ورافق جاك لاكان .. هل استفادت مصر منها ؟ أبدا إنها عملية نزيف العقول المستمرة حتي الآن، من المسئول عن عودة الطيور المهاجرة ومن المسئول عن استثمارها ؟ لا أحد حتي الآن. أناشد مكتبة الإسكندرية والدكتور مصطفي الفقي أن تكون المكتبة هي جسر التواصل والمفوضية العليا للحكماء، أقول ذلك في ظل انشغال مؤسسات ووزارات الدولة بمنهج إدارة الأزمات وغياب الرؤية الاستراتيجية للتنوير والنهضة وإعلاء قيم العلم والإبداع والانفتاح المعرفي علي العالم. وأضم صوتي مع الكاتب ياسر صالح وأدعو إلي تكريم الدكتور مصطفي صفوان (96عاما) كما أرجو من الحكام العرب قراءة أعماله مرات ومرات علها تساعد في عمليات التحول والإصلاح ولا ننس الروشتة .. الدستور ..التنافسية وعقيدة النجاح .. لغة الخطاب الإبداعية والفكرية مرحليا باللغة العامية التي يفهمها الناس.

واختتم من أشعاري بهذه الأهزوجة:

صاحب موازنجي ..واوزن كلام الناس …حرير فوق الطبالي واشولة ورصاص

..إن مالت الكفة نزلها واستكفي .. قباني قايم والضلالي عكس عكاس وآهي آه يامصراوية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف